المحتويات

الطلاق: مفهومه وإجراءاته

الطلاق:
-مفهومه و إجراءاته-

الطلاق: مفهومه وإجراءاته


يعتبر الطلاق من الناحية القانونية تصرف قانوني أناطه المشرع المغربي بإرادة الزوج وحده كقاعدة عامة، غير أنه خول للزوجة إيقاعه في حالات خاصة.

و للطلاق شروط و إجراءات قانونية و قضائية حددها المشرع، و هذا ما سنحاول توضيحه من في هذا الدليل.

سنتحدث في البداية عن تحديد مفهوم الطلاق (أولا) قبل أن نفصل الكلام عن الإجراءات المسطرية للطلاق (ثانيا).

أولا- مفهوم الطلاق:

يقتضي منا تحديد مفهوم الطلاق أن نقوم بتعريف الطلاق (1)، ثم بعد ذلك عرض شروطه (2).

1-    تعريف الطلاق:

الطلاق هو الذي يصدره الزوج، أو الزوجة أو باتفاقهما تحت الرقابة القضائية التي تتجلى في الاستماع إلى الطرفين و دفاعهما و محاولة الصلح بينهما و تقدير المستحقات للزوجة و الأطفال.

فالطلاق إذن هو حل للرابط الزوجية، يمارس من طرف الزوج كما يمكن أن يمارس من طرف الزوجة في حالة التمليك، في إطار مسطرة يراقبها القضاء، و ذلك صيانة لهذه الرابطة من العبث، و التعسف في ممارسته، و بكيفية تضمن حقوق المطلقة و الأولاد، و تعزز آليات التوفيق و التسديد عن طريق محاولة الإصلاح.

2-    شروط الطلاق:

لكي يقع الطلاق صحيحا فإنه لابد من أن تتوفر مجموعة من الشروط، منها ما يتعلق بالزوج (أ)  و منها ما يتعلق بالزوجة (ب) و منها ما يتعلق بالصيغة المستعملة في الطلاق (ت).

أ‌-       الشروط المتعلقة بالزوج:

·       أن يكون الزوج عاقلا: بمعنى أن يكون مدركا إدراكا تاما لما يفعل. و من ثم لا يقع طلاق المجنون و من على شاكلته كالمعتوه، و كذلك الأمر بالنسبة للسكران و الغضبان.

·       أن يكون الزوج مختارا: بمعنى أن يكون الزوج الذي يقدم على طلاق زوجته متمتعا بالإرادة التامة و بشكل جدي، أي أن لا يكون مكرها على ذلك و لا هازلا.

·       أن لا يكون الزوج مريضا مرض الموت: بحيث أن الزوج المطلق، الذي يكون في مرض موته، قد يكون سيء النية بحيث يسعى لحرمان مطلقته من الميراث لذلك يعامل بنقيض قصده.

ب‌-  الشروط المتعلقة بالزوجة:

يشترط في الزوجة المطلقة أن تكون زوجة للمطلق حقيقة أو حكما:

·       زوجة المطلق حقيقة: هي أن تكون العلاقة الزوجية القائمة بين المطلق و المطلقة مستندة إلى عقد زواج صحيح قائم بالفعل سواء تم الدخول بها أو لم يتم بعد.

·       زوجة المطلق حكما: هي الحالة التي تكون في حالة طلاق رجعي، بحيث أن العلاقة الزوجية هنا بين المطلق و المطلقة في حكم القائمة طالما أن عدة الزوجة لم تنته بعد. لأن الطلاق الرجعي لا ينهي الرابطة الزوجية كما هو معلوم.

ملاحظة:

هناك بعض الحالات لا يمكن أن يقع فيها طلاق المرأة و هي:

-        المرأة الأجنبية، أي التي لا تعتبر زوجة للمطلاق، إذ لا يتصور أن يقع الطلاق عليها حيث أن لا طلاق إلا بعد زواج؛

-        المرأة التي تزوجها الرجل بعقد فاسد، لأن الطلاق أثر من آثار الزواج الصحيح؛

-        المعتدة من طلاق بائن بينونة كبرى؛

-        المطلقة قبل الدخول و الخلوة إذ لا عدة عليها، فبمجرد طلاقها بانت من زوجها منه بغير عدة، و لذا يجوز لها الزواج من غيره مباشرة عقب الطلاق.

ت‌-  الشروط المتعلقة بالصيغة:

بحسب المادة 73 من  مدونة الأسرة المغربية التعبير عن الطلاق يقع إما بالقول أو الكتابة أو الإشارة المفهمة له.

ملاحظة:

بخصوص صيغ الطلاق نود الإشارة إلى أن:

·       الحلف باليمين أو الحرام لا يقع به الطلاق. (المادة 91 من مدونة الأسرة.)

·       الطلاق المقترن بعدد لفظا أو إشارة أو كتابة لا يقع إلا واحدا. (المادة 92 من مدونة الأسرة.)

·       الطلاق المعلق على فعل شيء أو تركه لا يقع. (المادة 93 من مدونة الأسرة.)

ثانيا- الإجراءات المسطرية للطلاق

لم يبق الطلاق خاضعا لإرادة الزوج المنفردة، يوقعه متى شاء و أين شاء، بل وضع المشرع مسطرة خاصة بانحلال الزواج عن طريق الطلاق. فعلى الزوج الراغب في طلاق زوجته أن يطلب الإذن من المحكمة المختصة (المرحلة الأولى)، و التي لا تأذن بالطلاق بمجرد تقديم الطلب إليها، بل تقوم بإجراءات الصلح بين الزوجين (المرحلة الثانية)، و في حالة فشلها تحدد المحكمة مبلغا يودعه الزوج بكتابة الضبط بالمحكمة لأداء مستحقات الزوجة و الأطفال في حالة وجودهم (المرحلة الثالثة)، و بمجرد إيداع الزوج المبلغ تأذن المحكمة بالإشهاد على الطلاق يسلم للزوج حتى يقوم بتقديمه للعدلين لتوثيقه و يقوم قاضي التوثيق بالخطاب عليه (المرحلة الرابعة)، و بعض توثيقه و الخطاب عليه من طرف قاضي توثيق يقوم هذا الأخير بتوجيه نسخة منه إلى المحكمة مصدرة الإذن بالطلاق حتى تصدر قرارها بالطلاق (المرحلة الخامسة).

المرحلة الأولى: تقديم طلاب الإذن بالطلاق:

يجب على من يريد الطلاق أن يتقدم بطلب الإذن بالإشهاد على الطلاق إلى المحكمة حسب الترتيب التالي:

·       إما أمام المحكمة التي يوجد بدائرة نفوذها بيت الزوجية؛

·       و إما أمام المحكمة التي يوجد بدائرة نفوذها موطن الزوجة؛

·       و إما أمام المحكمة التي يوجد بدائرة نفوذها محل إقامة الزوجة؛

·       و إما أمام المحكمة التي أبرم بدائرة نفوذها عقد الزواج.

= المادة 79 من مدونة الأسرة.

و طلب الإذن بالإشهاد على الطلاق يجب أن يتضمن معلومات و البيانات و المرفقات، و ذلك كالتالي:

1.     التعبير الصريح عن الرغبة في إنهاء العلاقة الزوجية؛

2.     بيان هوية الزوجين بذكر اسميهما  الشخصي و العائلي وفق ما هو ثابت في عقد الزواج، أو ما قد يكون طرأ من تغيير في ذلك بمستنداته القانونية، و كذلك مهنتهم إن وجدت؛

3.     بيان عنوان الطرفين؛

4.     عدد الأطفال إن وجدوا و سنهم و وضعهم الصحي و الدراسي؛

5.     يرفق بالطلب عقد الزواج أو الحكم القضائي المثبت للزوجية، سواء كان وطنيا أو أجنبيا مذيلا بالصيغة التنفيذية ...

6.     يرفق بالطلب كذلك بالحجج المثبتة للوضعية المالية للزوج، أي العناصر الدائنة و المدنية لذمته المالية، حتى تستطيع تقدير مستحقات الزوجة و الأطفال.

المرحلة الثانية: إجراءات الصلح بين الزوجين:

يترتب عن تقديم طلب الإذن بالطلاق المرور مباشرة إلى مسطرة الإصلاح بين الطرفين (الزوجين). حيث يتم استدعاء الزوجين لمحاولة الإصلاح بينهما.

تجري محاولة الصلح بين الزوجين في غرفة المشورة، بما في ذلك الاستماع إلى الشهود ولمن ترى المحكمة فائدة في الاستماع إليه.

و محاولة الصلح إما أن تقوم به المحكمة و إما أن تعين أحد من الغير للقيام بذلك و المتمثل في: انتداب حكمين أو مجلس العائلة أو من تراه مؤهلا لإصلاح ذات البين بين الطرفين.

في حالة وجود أطفال تقوم المحكمة بمحاولتين للصلح لا بمحاولة واحدة، تفصل بينهما مدة لا تقل عن 30 يوما.

و يترتب عن سلوك مسطرة الصلح فرضيتين هما:

·       الفرضية الأولى: نجاح الصلح بين الزوجين

إذا نتج عن الإجراءات التي باشرتها المحكمة صلح الزوجين، حرر به محضر و تم الإشهاد به من جانب المحكمة، ومن ثمة تعود المياه إلى مجاريها بين الزوجين.

و المحضر يتضمن كل ما اتفق عليه الزوجان و في مقدمته سحب الزوج لطلبه ثم ما التزم به كل من الزوجين أو أحدهما لمعالجة المشكل أو المشاكل التي كانت سببا في طلب الإذن بالطلاق.

و المحضر عبارة عن وثيقة رسمية لا يمكن الطعن فيها إلا بالزور، و هو عبارة عن سند تنفيذي يماثل الحكم القضائي في هذا الصدد.

·       الفرضية الثانية: فشل الصلح بين الزوجين

أما إذا نتج عن الإجراءات التي باشرتها المحكمة فشل محاولة الصلح بين الزوجين، و تحريرها محضر بذلك؛ فإنها تنتقل إلى التقدير الإجمالي لمستحقات الزوجة و الأطفال إن وجدوا و تحدد ذلك في مبلغ يشعر الزوج بإيداعه في صندوق المحكمة.

المرحلة الثالثة: الإيداع القبلي لمستحقات الزوجة و الأولاد بصندوق المحكمة:

عندما يتعذر تحقيق الصلح بين الزوجين، تنتقل المحكمة لتحديد مبلغا كافيا يتعين على الزوج ايداعه بصندوق المحكمة داخل أجل 30 يوما، و ذلك لتغطية مستحقات الزوجة و الأطفال.

و هذه المرحلة تطرح فرضيتين هما:

·       فرضية عدم وضع المستحقات

إذا لم يضع الزوج المبلغ الذي حددته المحكمة خلال أجل أقصاه 30 يوما أعلاه، اعتبر متراجعا عن رغبته في الطلاق، و يصرف النظر عن طلبه، ويتم الإشهاد على ذلك من طرف المحكمة. و تبقى العلاقة الزوجية بين الزوجين قائمة بجميع آثارها.

·       فرضية وضع المستحقات

أما إذا وضع الزوج مبلغ المستحقات المطلوبة منه بصندوق المحكمة المرفوع إليها الطلب، فإن هذه الأخيرة بعد أن تتأكد من و ضعها تصدر الإذن بتوثيق الطلاق لدى عدلين منتصبين للإشهاد داخل دائرة نفوذها، و هذا الإذن غير قابل للطعن.

المرحلة الرابعة: تسليم الإذن بالطلاق:

يتسلم الزوج الإذن بالطلاق من المحكمة فيقوم بتقديمه للعدلين لتوثيق الطلاق، بعد ذلك يقوم قاضي التوثيق بالخطاب على وثيقة الطلاق حتى تكتسي الطابع الرسمي.

بعد الخطاب على الوثيقة من طرف قاضي التوثيق يقوم بتوجيه نسخة منه إلى المحكمة التي أذنت بتوثيق الطلاق، حتى تصدر قرارها بالطلاق.

المرحلة الخامسة: إصدار قرار المحكمة بالطلاق:

بعد توصل المحكمة مصدرة الإذن، بنسخة من الرسم المخاطب عليه من قاضي التوثيق، تصدر قرار معلال بالطلاق يتضمن البيانات التالية:

1-    أسماء الزوجين و تاريخ و مكان ولادتهما و زواجهما و موطنهما أو محل إقامتهما؛

2-    ملخص ادعاء الطرفين و طلبتهما، و ما قدماه من حجج و دفوع، و الإجراءات المنجزة في الملف، و مستنتجات النيابة العامة؛

3-    تاريخ الإشهاد بالطلاق؛

4-    ما إذا كانت الزوجة حاملا أم لا؛

5-    أسماء الأطفال و سنهم و من أسندت إليه حضانتهم و تنظيم حق الزيارة؛

6-    تحديد المستحقات المنصوص عليها في المادتين 84 و 85 أعلاه و أجرة الحضانة بعد العدة.


أنظر أيضا: أنواع الطلاق و التطليق في القانون المغربي


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-