الفرق بين المصادرة كعقوبة إضافية و المصادرة كتدبير وقائي عيني
نص المشرع المغربي المصادر في مجموعة القانون الجنائي في
موضعين؛ الموضع الأول عند تنظيمه لأحكام العقوبات الإضافية بموجب الفصلين 42 و 43،
أما الموضع الثاني فعند تنظيمه لأحكام التدابير الوقائية العينية بموجب الفصلين 62
و 89.
غير أنه باستقراء النصوص أعلاه و مقارنتها تبرز أوجه
الاختلاف بين المصادر كعقوبة إضافية و المصادرة كتدبير وقائي عيني، و ذلك من خلال
ما يلي:
أ- المصادرة كتدبير وقائي تختلف اختلافا كليا عن المصادرة العينية (أو
الجزئية) كعقوبة إضافية (المنظمة بالفصلين 42 و 43)، فهي – أي المصادرة كتدبير –
تقع على ذات الشيء - أي عينه – الذي يعتبر
صنعه أو استعماله، أو حمله، أو حيازته، أو بيعه جريمة معاقب عليها، كالمقابل في
الرشوة، و حيازة الكيف، أو السلاح الغير مرخص به أو المطبوعات المخلة بالأخلاق، أو
الكتب التي تشكل خطورة على النظام العام، بحيث يراد بها – أي المصادرة – أولا و
قبل كل شيء وقاية المجتمع من الأضرار التي يمكن أن تنجم عن تداول الشيء المضبوط، و
لذلك كان الحكم بالمصادرة كعقوبة إضافية – ولو كانت عينية – فهي جوازية إذ للمحكمة
أن تحكم بها أم لا تحكم (ف 43 ق ج).
ب- تختلف
المصادرة العينية باعتبارها تدبيرا وقائيا عينيا عن المصادرة العينية كعقوبة
إضافية، ذلك أن الفصل 89 ق ج يوجب و لو كانت الأشياء محل المصادرة مملوكة للغير،
في حين نجد المشرع في المصادرة العينية كعقوبة إضافية – و عملا بالفصل 43 من المجموعة – قد ألزم المحاكم عند
الحكم بها مراعاة حقوق الغير و حفظها لهم.
و مع ذلك و جبت الإشارة إلى أن المصادرة
العينية للأشياء كتدبير وقائي و إن كان مأمورا بها حتى و لو كانت هذه الأشياء على
ملك الغير (ف 89 ق ج)، فإنه لابد من مراعاة ظروف المالك الحقيقي في بعض الحالات،
فلا تصادر عنه أشياءه، فمثلا التاجر في الأسلحة الذي تسرق منه بعض البنادق أو
الرصاص من متجره، يجب أن لا يضيع عليه حقه في حالة ما إذا ضبط المسروق منه، إذ يجب
رده عليه، و شركة صنع الأدوية التي تسرق منها كمية من مادة الكيف أو البالفيوم،
مثلا ـ يجب أن ترد إليها إذا ضبط السارق و أقر بسرقته، و هذا عملا بقاعدة عامة
وردت في الفصل 106 ق ج الذي اعتبر بأن:
"الرد هو إعادة الأشياء أو المبالغ أو الأمتعة المنقولة الموضوعة تحت يد
العدالة إلى أصحاب الحق فيها" ذلك أن المالكين للأشياء السابقة (الأسلحة أو
المواد المخدرة) كانت ملكيتهم لها ثابتة و مرخص بها، أي قانونية، كما أنهم لم يرتكبوا
أي خطأ أدى إلى خروج هذه الأشياء – الممنوع تداولها أو بيعها أو حملها أو حيازتها –
من تحت أيديهم، نعم إذا كان هذا الخروج بخطأ منهم كأن مكن تاجر الأسلحة شخصا من
سلاح و هو غير مرخص له بذلك، أو الصيدلي أحد المدمنين على المخدر من كمية من هذا
الاخير بدون رخصة طبية تجيز له ذلك، و تم ضبط هذا السلاح أو المخدر مع شخص يحوز
بدون مسوغ قانوني فإنه يصادر عن المالكين طبقا للفصل 89 ق ج، و لا يحق لأي منهما
طلب استرداده.
ج- المصادرة العينية كعقوبة إضافية لا يمكن الحكم بها إلا
إذا صدر حكم بالمؤاخذة (الفصلان 43 و 44 ق ج)، في حين فإن الحكم بالمصادرة كتدبير
وقائي عيني، و كما هو صريح نص الفصل 89 ق ج، لا يتوقف على صدور حكم بالإدانة (أي
المؤاخذة)، و يتحقق ذلك في فروض متعددة كأن تسقط الدعوى العمومية بالتقادم أو
بوفاة المتهم أثناء نظر الدعوى العمومية أو لامتناع مساءلته بسبب خلل عقلي – أو
لغيره من الأسباب التي تمتنع مع المساءلة الجنائية – أو لكون الحائز أو الصانع أو
مستعمل أو حامل تلك المواد التي يكون صنعها أو استعمالها أو حملها أو حيازتها
جريمة، مجهول غير معروف، و المستند في هذا الحكم هو أن هذه المواد بذاتها – و هذا
هو الغالب – وإما بسبب تداولها، تشكل خطورة مما يقتضي سحبها من التداول و ذلك لا
يكون إلا بمصادرتها.[1]
[1] لمراجعة هذه التفرقة أنظر: عبد الواحد العلمي،
شرح القانون الجنائي المغربي، القسم العام، الطبعة الخامسة ، 2015، دون ذكر باقي
البيانات، ص: 499 - 500