المحتويات

المنازعات العقارية على ضوء قضاء محكمة النقض 3

المنازعات العقارية على ضوء قضاء محكمة النقض

مع الدكتور عمر أزوكار

من تنظيم المركز المهني للمحاماة و التكوين المستمر

(تفريغ الحلقة الثالثة)




قد يقدم طلب الإدراج مطلب للتحفيظ، هذا المطلب يقدم إلى المحافظ و هذا الأخير عليه أن يتخذ قرارا إما بقبول إدراج المطلب، و في هذه الحالة تستمر الاجراءات، و إما أن يقرر رفض إدراج مطلب التحفيظ و في هذه الحالة يكون قراره قابلا للطعن بالإلغاء.

قد يقول البعض أنك تتحدث عن قرار إدراج مطلب التحفيظ و هو مصطلح غير مألوف في عمل المحافظ.

إن المحافظ حينما كان يتحدث عن الهبة في مدونة الحقوق العينية، و قال أن الهبة تكون باطلة عندما لا يتحقق فيها الحوز، إذا انصبت على عقار عادي أي غير محفظ، و يكون عقد الهبة من الناحية القانونية عقد باطل؛ غير أنه إذا قدمت بشأنه و أدرجت بشأنه مطلب للتحفيظ فإن عقد الهبة يكون صحيحا بعدما كان باطلا؛ من هنا و طبقا لمقتضيات ما ضمن بمدونة الحقوق العينية، يتحدث المشرع عن ادراج مطلب التحفيظ و التصريح الذي يقدم إلى السيد المحافظ ما يلتمس منه صاحبه إلا أن يدرج له مطلب التحفيظ حتى تبدأ مسطرة التحفيظ، فإذا انتهت و أسس لها الرسم العقاري ففي هذه الحالة نكون قد انتقلنا من العقار العادي و مررنا من العقار في طور التحفيظ إلى العقار المحفظ.

حينما يقدم طلب إلى المحافظ من أجل إدراج مطلب التحفيظ نكون أمام مجموعة من الفرضيات من أهمها:

فرضية: أن يكون العقار المطلوب إدراج مطلب التحفيظ بشأنه العقار محفظ ( و إن كان يصعب ذلك من الناحية العميلة في الوقت الحالي).

ففي هذه الفرضية تبث أن هذا العقار المراد تحفيظه هو عقار محفظ، فإن ما استقر عليه السادة المحافظون، هو رفض إدراج مطلب التحفيظ على عقار موضوع رسم عقاري، و هذا الرفض هو قرار إداري و بالتالي فهو يقبل الطعن بالإلغاء أمام المحكمة الإدارية.

إن مآل مطلب التحفيظ الذي فتح على عقار محفظ، هو رفض مطلب التحفيظ. للإشارة هناك فرق بين رفض مطلب التحفيظ و إلغاء مطلب التحفيظ حيث أن هذا الأخير حدد لها المشرع حالاته و هي مقتضيات المادة 22 و 23 و 50 من ظهير التحفيظ العقاري.

مثال: زيد تقدم بمطلب التحفيظ على عقار مساحته 3 هكتار، أثناء التحديد جاءت مصلحة المسح الطبوغرافي  و حددت العقار فتبث لها أن العقار موضوع مطلب التحفيظ هو عقار محفظ كليا؛ هنا ترجع الملف و محضر التحديد إلى المحافظ الذي لا يتوانى بإصدار قراراه برفض مطلب التحفيظ.

قد يتساءل البعض: كيف يتصور من الناحية القانونية و المنطقية بالنسبة لشخص أن يبادر إلى طلب تحفيظ عقار هو موضوع رسم عقاري؟

من خلال الممارسة العلمية و المهنية نجد مثلا:

الحالة الأولى: زيد تقدم بمطلب للتحفيظ، و فرضنا جدلا أن السيد المحافظ قبل إدراج مطلب للتحفيظ، و تعلمون أن تاريخ الإدراج و قبول مطلب التحفيظ عادة يكون ما يكون هناك إلى تاريخ إجراء التحديد شهران، زيد له مصلحة أدى  الرسوم، و زيد يعمد إلى تفويت عقار بعوض.

و هدف زيد هو الحصول على الشهادة العقارية التي قيد فيها مطلب التحفيظ، و يبحث عن مشتري غير عارف بالأمر، يطمع بأن يحصل على عقار بأقل تكلفة، فيسقط ضحية نصب زيد و احتياله؛ لأن زيد طالب التحفيظ يعرف أنه غير مستحق لهذا العقار و أمن مآل طلبه هو الرفض أو التعرضات التي ستنتهي إجراءاتها القضائية بصحة التعرض، و أن مآل مطلب التحفيظ هو الرفض، لذلك زيد يريد أن يستفيد من هذه الوضعية من أجل أن يأخذ عربونا أو يبرم و عدا بالبيع و يتلقى جزءا من المال؛ و هذه الطريقة هي الشائعة على مستوى الممارسة العلمية.

الحالة الثانية: أن زيد تقدم بطلب  تحفيظ عقار مساحته 3 هكتار، و ذلك بإدراج مطلب للتحفيظ إلى السيد المحافظ على الأملاك العقارية. هذا المطلب انصب على عقار في طور التحفيظ، هنا يجب ان نميز بين احتمالين:

زيد طالب لإدراج مطلب للتحفيظ في 2020 بشهر مارس، و عمر قد سبق له أن تقدم بمطلب لتحفيظ نفس العقار في شهر يناير 2020 هنا:

بالنسبة للاحتمال الأول: إذا اتضح من خلال التموقع أن عمر سبق له أن قام بالتحديد، هنا السيد المحافظ يتخذ قراره برفض ادراج مطلب تحفيظ زيد، معلل قراره أن العقار موضوع تحديد و أصبح في طور التحفيظ. هنا عمد زيد إلى الطعن في قرار المحافظ أمام القضاء الإداري و انتهت المسطرة إلى القول بمشروعية قرار السيد المحافظ، لماذا؟ حسب محكمة النقض فإنه و من خلال هذه الوضعية بقي لزيد أن يمارس التعرض على مطلب التحفيظ للحفاظ على حقه.

=هناك بعض السادة المحافظين يعمدون إلى قبول إدراج مطلب للتحفيظ، مما يعني أن زيد يصبح متعرضا بقوة القانون على مطلب التحفيظ الخاص بعمر، خاصة إذا فاته أجل التعرض العادي، أو لا تسعفه المبررات لطلب فتح أجل تعرض استثنائي ç  و هذا القرار هو قرار إداري يحق لعمر الطعن فيه أمام القضاء الإداري ç نفترض انه تم الطعن فيه و عرض الأمر على القضاء و انتهت المسطرة لخلاصة قال فيها القضاء إن قرار المحافظ هو قرار مشوب بمخالفة القانون و الشطط في استعمال السلطة.

بالنسبة للاحتمال الثاني: و تتعلق بما إذا تقدم زيد بطلب إدراج طلب للتحفيظ، لعقار سبق أن تقدم عمر بمطلب للتحفيظ و ذلك على عقار 30 هكتار، لكن حينما تقدم زيد بطلب إدراج مطلب للتحفيظ و أرفقه بشهادة التموقع للمحافظة العقارية قيل له إن هذا العقار لم يتم تحديده بعد، لماذا لأن عمر قد يكون صاحب مطلب للتحفيظ و بين قبول السيد المحافظ لمطلب التحفيظ و تاريخ التحديد، هناك لترة زمنية حتى يخرج المهندس المساح الطبوغرافي  ليقوم بعملية التحديد و قد يتعذر التحديد بعد شهرين من تقديم مطلب التحفيظ و يمنح له شهرين أخرين لقيام بعملية التحديد عندما يكون هناك المانع ( سواء هذا المانع يخص المحافظة أو يخص طالب التحفيظ) إذن هذا العقار من وجهة نظر مسطرة المسح الطبوغرافي، هو عقار غير محفظ، أي عقار لم يتم تحديده بعد و في الشهر الموالي لتقديم مطلب التحفيظ تقدم زيد و قيل له من طرف المحافظة أن هذا العقار ليس موضوع مطلب التحفيظ لأنه بالنسبة للمحافظة و لمصلحة الهندسة  لا يكون العقار بالنسبة إليهم موضوع مطلب التحفيظ، ليس من تاريخ أداء رسوم المحافظة و إنما من تاريخ تحديده، فإذا تم تحديده  فإن مصلحة المسح الطبوغرافي تقول أن هذا العقار هو موضوع مطلب للتحفيظ لأنه  وقع تحديده.

إذن من بين تاريخ تقديم عمر و تحديده ، تقدم زيد من أجل تحفيظ عقار الذي هو نفس مطلب عمر.

هنا المحافظ و مصلحة المسح العقاري لا تعرف هل هذا العقار هو موضوع مسطرة مطلب تحفيظ بالنسبة لعمر لأنه لم يقع تحديده.  إذن هنا يتصور من الناحية الواقعية و القانونية الاجرائية أن يقوم بإدراج مطلب للتحفيظ على مطلب أخر لتحفيظ نفس العقار، و السبب هو تلك الفترة بين تاريخ تقديم المطلب و تاريخ تحديده.

و قد عمل القضاء على حل هذه المشاكل عن طريق إعطاء صفة طالب التحفيظ بالنسبة لمن قدم الطلب أولا، أي أسبقهم تاريخا و يصبح طالبي التحفيظ اللاحقين من حيت التاريخ متعرضين على طالب التحفيظ الأسبق.

أيضا هناك اشكال آخر عندما يتعذر التحديد، مثلا:

لدينا عمر هو الأسبق طلبا للتحفيظ؛

ثم يليه زيد؛

ثم يليه خالد.

عمر تعذر إجراء تحديده لوجود المانع ( مثلا: لوجود اضراب بالمحافظة) كذلك الأمر بالنسبة لزيد، تعذر اجراء التحديد هو ايضا بسبب وجود المانع، لكن خالد تم إجراء تحديده في وقته، و أصبح هو الأسبق تحديدا، رغم أنه هو آخر من تقدم بطلب إدراج مطلب للتحفيظ على نفس العقار.

هنا أجابت محكمة النقض و قالت أن المعيار في تحديد من هو طالب للتحفيظ  و من هو المتعرض ليس بتاريخ التحديد و إنما بتاريخ تقديم مطلب للتحفيظ، و بالتالي يصبح عمر طالبا للتحفيظ و زيد و خالد متعرضين.

==> خلاصة يمكن ان نخرج بها:

هو أن قرار المحافظ بفتح مطلب للتحفيظ يمكنه أن يقبل طلب لإدراج مطلب للتحفيظ على نفس العقار حينما لا يكون موضوع التحديد؛

قد يكون نفس العقار له أكثر من ثلاثة أو أربعة أو خمسة مطالب للتحفيظ و هي ما يسمى بالمطالب المتداخلة؛

إذن لا يحق لعمر أن يتقدم بمقال ضد المحافظ الذي يقبل إدراج مطلب زيد، لأنه و قت تقديم المطلب إليه، يتواجد المحافظ في استحالة أن يعرف ما إذا كان هذا العقار موضوع مسطرة التحفيظ، و لا يعرفها إلا حينما يقع تحديده.

و جاءت محكمة النقض لتقول فذ هذه الحالة التي نتواجد فيها أمام تعدد مطالب التحفيظ على نفس العقار سواء كان تعرض كليا او جزئيا، فإن العبرة في تحديد المراكز القانونية (من يعتبر طالبا للتحفيظ و من يتواجد في مركز المتعرض طالب التحفيظ، و الذي يأخذ مركز المدعي و الذي يكون ملزم بالإثبات و هي القاعدة كذلك التي عدلها قضاء محكمة النقض) يكون هو ليس تاريخ تقديم مطلب التحفيظ و ليس تاريخ التحديد.

كما تجب الإشارة في الأخير إلا أن الأثار تختلف حينما نكون أما متعرض عادي عن الأثار في الحالة التي نكون فيها أما متعرض طالب للتحفيظ -أي متعرض بقوة القانون-.




ملاحظة: أثناء تفريغنا لهذه الحلقة تم التركيز على أهم النقط الأساسية المذكورة في الحلقة.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-