المحتويات

التعويض عن البنوة غير الشرعية

التعويض عن البنوة الغير الشرعية

 قرار محكمة النقض

رقم 1/225

الصادر بتاريخ 2025/04/15

في الملف المدني 2025/1/1/227

"المولود نتاج علاقة جنسية غير شرعية، من غير رضى من الموطوءة الخالية من الزوج يستحق النفقة على غرار الولد الشرعي: لا يستحق التعويض في إطار جبر الضرر: نعم. 

استيفاء الزاجر بإيقاع العقوبة على الجاني، لا يسقط حق المولود الضحية نتاج الفعل الجرمي في التعويض جبرا للضرر الحال أو المستقبلي، في إطار قواعد المسؤولية التقصيرية الناشئة عن جريمة. "

التعويض عن البنوة غير الشرعية


باسم جلالة الملك وطبقا للقانون 

وبعد المداولة طبقا للقانون 

حيث يستفاد من مستندات الملف أن المدعية (ع.ع) (الطالبة) تقدمت أمام المحكمة الابتدائية بالحسيمة بمقال افتتاحي بتاريخ 2023/03/03 عرضت فيه أنها تعرضت لاعتداء جنسي من طرف المدعى عليه (1. ز) (المطلوب) نتج عنه هتك عرضها وحمل، مستغلا الحالة العقلية التي تعاني منها والتي تجعلها غير قادرة على التمييز والإدراك. وأن هذا الأخير توبع من طرف النيابة العامة بهتك عرض شخص معروف بضعف قواه العقلية وأدين بسنة واحدة حبسا نافذا، وأوضحت أن الطفل (ه) الذي وضعته بتاريخ 2022/08/24 يبقى المدعى عليه هو والده، وبالتالي المسؤول عنه في تحمل أعبائه المادية، وأن عدم نسبة الطفل إليه لا يعفيه من مسؤولياته تجاه الابن، ذلك أن كل شخص مسؤول، استنادا للدستور، عن أفعاله وأخطائه التي تتسبب في ضرر للغير متى ثبتت العلاقة السببية بين الخطأ والضرر، وأن الأطفال في حاجة لرعاية من جانب أولياء أمرهم، ولهم عليهم حقوق في الأكل والشرب والتطبيب والسكن والتدريس إلى حين بلوغهم سن الرشد، وفي حالة متابعتهم لدراستهم إلى حين بلوغهم خمسة وعشرين (25) سنة، وأن المصلحة الفضلى للطفل تقتضي تحميل المسؤولية لوالده، مهما كانت طبيعة علاقة الأبوة بحكم المسؤولية. وآثارها، كما أن الفصل 32 من الدستور في فقرته الثالثة ينص على مسؤولية الدولة في توفير الحماية القانونية والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال، وحماية حقوقهم الطبيعية ضد المسؤولين عنها، سواء كانت نفقة شرعية أو تعويضا بمثابة نفقة دون تحديد شرعية العلاقة، خاصة وأن المغرب انضم للاتفاقية الدولية لحقوق الطفل بعد أن تم التوقيع عليها بتاريخ 20 يناير 1990 والمصادقة عليها في 23 يونيو 1993 وهو ما يعطيها أولوية في التطبيق على القانون الداخلي، كما انضم إلى البروتوكول الاختياري لحقوق الطفل بتاريخ 2002/05/22، وتنص المادة الثانية من الاتفاقية الدولية المذكورة في فقرتها الثانية على أن تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة التكفل للطفل الحماية من جميع أشكال التمييز أو العقاب القائمة على أساس مركز والدي الطفل أو الأوصياء القانونيين عليه أو أعضاء الأسرة أو أنشطتهم أو أرائهم المعبر عنها أو معتقداتهم"، كما أن الاتفاقية تضمن حقوق الطفل تشريعا وتنفيذا وقضاء، والقاعدة أن من تسبب في ضرر مسؤول عن جبره، ومن أجله التمست الحكم على المدعى عليه بأدائه لها تعويضا شهريا بمثابة نفقة للابن بحسب 500 درهم في الشهر ابتداء من تاريخ 2022/08/24 مع الاستمرار في الأداء إلى حين حدوث ما يسقطها شرعا. 
وبعد جواب المدعى عليه ملتمسا عدم قبول الدعوى لكونها معيبة شكلا وبرفضها موضوعا لكون ما تدعيه المدعية يفتقد إلى الإثبات، نافيا أن يكون الابن المزعوم من صلبه، أصدرت المحكمة حكمها عدد 112 بتاريخ 2024/03/25 في الملف عدد 2023/1201/452 برفض الطلب، فاستأنفته المدعية المحكوم ضدها)، وأيدته محكمة الاستئناف بمقتضى قرارها المطعون فيه بالنقض من طرف الطاعنة أعلاه في الوسيلة الفريدة المتخذة من نقص التعليل الموازي لا تعدامه، ذلك أنه ربط سمو الاتفاقيات الدولية بشرط المصادقة عليها، والاتفاقية الدولية الحقوق الطفل أصبحت بعد المصادقة عليها جزءا من القانون الوطني، ولا تتعارض مع النظام العام، ونص الفصل 32 من الدستور واضح في رفع حدود نوعية الروابط بين الأطفال والآباء لتشمل كل الأطفال "بغض النظر عن وضعيتهم العائلية، فالدعوى ذات طابع مختلط مدني وأسري، وعلاقة بنوة الطفل مع المطلوب ثابتة بمقتضى حكم نهائي بات قضى بالإدانة من أجل هتك عرض قاصر معروف بضعف قواه العقلية، وأن المحكمة لم تناقش قاعدة الضرر واستحقاق التعويض جراء ولادة طفل قاصر لا مسؤولية له فيما وقع، وهو يستحق النفقة أو التعويض، وأن ما ذهبت إليه المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه جانب الصواب، وأن قرار النقض الذي اعتمدته يختلف موضوعه عن موضوع الدعوى الجارية. 

حيث صح ما عابته الطاعنة على القرار المطعون فيه، ذلك أنه أيد الحكم المستأنف وتبنى علله وأسبابه التي جاء فيها أن الثابت من القرار الجنائي المرفق بالمقال الاستئنافي أن المطلوب أدين من أجل هتك عرض شخص معروف بضعف قواه العقلية فقط وليس هتك عرض أو اغتصاب الطاعنة ناتج عنه حمل.... وعلى فرض صحة ادعاءات الطاعنة، فإن التعويض المطلوب على إثر هذا الفعل لا يجد مشروعيته في مقتضيات الفصل 77 من قل ع، طالما أن المادة 148 من مدونة الأسرة تطرقت للآثار الناتجة عن البنوة غير الشرعية بتنصيصها على أنه "لا يترتب على البنوة غير الشرعية بالنسبة للأب أي أثر من آثار البنوة الشرعية .... مما ينتفي معه السند القانوني للحكم للمستأنفة بتعويض بمثابة نفقة لابنها))، في حين أن المحكمة الموضوع السلطة التامة في تكييف طلبات الخصوم وفهم الدعوى على حقيقتها بما تتبينه من وقائعها، وفي تنزيل الوصف الحق عليها دون تقيد بتكييف الخصوم، مادامت لم تخرج عن وقائع الدعوى ولم تغير من مضمون طلبات الخصوم، ولم تستحدث طلبات جديدة لم تعرض عليها، وأنه يتجلى من واقع الملف، كما كان معروضا على قضاة الموضوع، أن الطالبة التمست الحكم لها بتعويض عن خطأ المطلوب في هتك عرضها مستغلا حالة ضعفها العقلي، نتج عنه ولادة طفل يحتاج إلى إنفاق، وأن إشارتها في الملتمس المذكور إلى النفقة هي لتحديد شكل التعويض المطالب به قياسا على ما جرى به العمل من فرض نفقة شهرية للولد الناتج عن علاقة شرعية، دون أن ينصرف ملتمسها إلى إثبات نسب الولد المذكور للواطئ، أو ترتيب آثار البنوة الشرعية على ذلك، وأن الأصل في الجناية الواردة على محل معصوم اعتبارها بإيجاب الجابر والزاجر ما أمكن، وأن استيفاء الزاجر بإيقاع العقوبة على الجاني لا يسقط حق الضحية في التعويض جبرا للضرر الحال أو المستقبلي في إطار قواعد المسؤولية التقصيرية الناشئة عن جريمة، لأن الجوابر إنما شرعت لجلب ما فات من مصالح، ومبدأ الجمع في مثل نازلة الحال هو مقتضى قول الإمام مالك فيما روي عنه من أنه إن زنى رجل عاقل بمجنونة فعليه الحد والصداق لأنه نال منها ما ينال من العاقلة، ولا حد عليها لرفع القلم عنها، وعدم اللذة لها" (كتاب "الجامع المسائل المدونة، ابن يونس الصقلي ، ج 22، ص (46)، وإقرار مبدأ جبر ضرر المكرهة على الوطء فيما فاتها من صداق أمثالها، هو نفسه مبدأ جبر ضرر المولود إذا ما ثبت أنه كان فعلا نتاج ماء واطئ لم يصب به محلا مشروعا، ولم يلق رضى من الموطوءة الخالية من الزوج، وهو ضرر محقق في الحال والاستقبال أصابه في رزقه وكسوته بالمعروف وباقي متطلبات الحياة، وهو الصغير الذي ليس له في أمر ما وقع يد أئمة يتحمل وزره والداه، كل حسب مسؤوليته فيه، لما جاء عن عائشة رضي الله عنها في "ولد الزنا"، قالت "ما عليه من ذنب أبويه شيء ، ثم قرأت ولا تزر وازرة وزر أخرى". ولما يحتاجه من مكارمة وإحسان، إذ ورد عن الفاروق عمر بن الخطاب "أكرموا ولد الزنا وأحسنوا إليه"، وأن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما تعللت بأن المتابعة الجنائية لم تكن من أجل هتك عرض أو اغتصاب الطاعنة نتج عنه حمل، والحال أن من لا يتورع عن هنك عرض من كانت تشكو من ضعف قواها العقلية، سواء بإصابتها بموضع الحرث أو غيره، لا يستبعد منه أن ينشط على الوطء الكامل، وهي مظنة كان على المحكمة التحقق منها بسلوك إجراءات التحقيق المناسبة للحسم في ما إذا كان أمر تخلق المولود من نطفة أمشاج من ماء الطالبة وماء المطلوب. أم من ماء الغير، لما قد يكون لذلك من تأثير على قضائها، وأنها لما لم تفعل جاء قرارها ناقص التعليل المنزل منزلة العدامه، وهو ما عرضه بالتالي للنقض والإبطال. 

لهذه الأسباب 

قضت محكمة النقض بنقض القرار المطعون فيه، وبإحالة الدعوى على محكمة الاستئناف بفاس للبت فيها طبقا للقانون، وبتحميل المطلوب في النقض المصاريف عة الفضائية.
و به صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط، وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة محمد ناجي شعيب رئيس الغرفة رئيسا، والمستشارين بنسالم أوديجا عضوا مقررا ، وعبد السلام بالزروع، وعبد الحفيظ مشماشي، وعبد الغني اسنينة - أعضاء، وبمحضر المحامي العام السيد عمر الدهراوي، وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة بشرى راجي.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-