النظام العام في قانون حماية المستهلك أية خصوصية؟
إن طبيعة الإنسان
تجعله دائم الاحتياج للآخر نظرا لإمكانياته المحدودة، مما يضطره إلى الدخول في
علاقات قانونية مع الغير لتلبية احتياجاته و مصالحه غير المتناهية، و يعد العقد
أفضل وسيلة لديه لتحقيق غاياته، لتنظيمه للحقوق و الواجبات بين الأفراد و الجماعات
على أساس الحرية التعاقدية.
غير أن التحولات
الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و ما صاحبها من تطورات في مجال العقود، كالانتشار
الواسع لعقود الإذعان و ظهور مهنيين متخصصين
و محترفين، أدى إلى عجز الإرادة عن تحقيق المساواة بين أطراف العقد، خاصة
في العقود الاستهلاكية.
و أمام هذا الوضع
غير المتوازن سنت التشريعات المدنية الحديثة مجموعة من المقتضيات ذات الطابع
الحمائي، لتوفر للمستهلك باعتباره الطرف الضعيف في العملية الاستهلاكية مجموعة من
الضمانات القانونية لإعادة التوازن العقدي، و هو ما سار فيه المشرع المغربي بسنه
للقانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك الذي جاءت أغلب أحكامه من
النظام العام و هو ما يمنع أطراف العقد الاستهلاكي من الاتفاق على مخالفتها حماية
للمستهلك (الطرف الضعيف).
و من ثمة ظهر
مفهوم النظام العام في علاقته بالعقد الاستهلاكي ليبرز بوضوح سمو القانون على
تصرفات الأفراد و يعيد قراءة نظرية مبدأ سلطان الإرادة و النظريات التقليدية
الأخرى بطريقة تراعي حقوق المستهلك، و بالتالي إذا كانت الإرادة تنشئ العقد طبقا
للمادة 230 من قانون الالتزامات و العقود، فان النظام العام يستبعد إرادة الأطراف
و القوة الملزمة للعقد في حالة مخالفته، و عليه يحق لنا التساؤل عن دوافع تنصيص
المشرع المغربي على النظام العام بشكل صريح في قانون حماية المستهلك؟ و مدى اعتبار
كل مقتضيات هذا القانون من النظام العام؟ أم أن الأمر يقتصر على القواعد المذيلة
بطابع النظام العام بشكل صريح؟
سنعمل على سبر
أغوار قانون حماية المستهلك و قراءة ما بين فصوله و ثناياه، لا كتشاف هندسة المشرع
المغربي للنظام العام فب قانون حماية المستهلك (الفقرة الأولى)، و صولا إلى محاولة
تسليط الضوء على مدى اعتبار كل قواعد هذا القانون من النظام العام (الفقرة
الثانية).
للاطلاع على البحث
كاملا يرجع تحميله بالضغط هنا