المحتويات

أهلية المرأة المتزوجة لممارسة التجارة


أهلية المرأة المتزوجة لممارسة التجارة

العوارض الثانوية التي تؤثر في أهلية الأداء



كان الفصل السادس من القانون التجاري الملغى ينص على أنه لا يجوز للمرأة المتزوجة أن تكون تاجرة في المغرب بدون رضا زوجها مهما كانت مقتضيات قانونها للأحوال الشخصية بهذا الصدد.

و لقد كانت مقتضيات هذا الفصل تتعارض صراحة مع أحكام الشريعة الإسلامية التي تعطي للمرأة عند اكتمال أهليتها، و سواء كانت متزوجة أولا، مطلق الحرية في إدارة أموالها بما فيها ممارسة التجارة بدون قيد و لا شرط. كما أنها تتعارض مع ما تنص عليه الفقرة الرابعة من الفصل 35 من م ح ش التي جاء فيها: "... للمرأة حريتها الكاملة في التصرف في مالها دون رقابة الزوج، إذ لا ولاية للزوج على مال زوجته".

غير أنه بالرغم من هذا التناقض فان الأولوية في التطبيق في المجال التجاري كانت لنص الفصل السادس من القانون التجاري باعتباره نصا خاصا.

و يرجع السبب في التعارض الذي لاحظناه أعلاه إلى أن القانون التجاري المغربي ل: 21 غشت 1913 كان قد و ضع في الأصل لينطبق على الأجانب في المغرب بما فيهم الفرنسيين. لذلك فهو قد اقتبس من مدونة نابليون لسنة 1807 مبدأ ضرورة حصول المرأة المتزوجة على إذن زوجها لممارسة التجارة، انطلاقا من أن الأصل في ظل هذا القانون و غيره من القوانين الغربية المسيحية هو نظام و حدة الأموال بين الزوجين، إذ ما لم يتفق هؤلاء على خلاف ذلك فإن كلا منهما يتمتع بسلطة قانونية على أموال الآخر(من منقولات و عقارات) كأنه مالك لها فتدخل في ذمته المالية لضمان ديونه.

أما المرأة المسلمة المتزوجة فلم تكن تخضع لهذا القانون و إنما تخضع لقواعد الفقه الإسلامي التي رأيناها سابقا. غير أنه بصدور قانون توحيد التشريع في 31 مايو 1958 و قانون توحيد المحاكم في 26 يناير 1965 أصبح ذلك القانون بما فيه الفصل السادس المذكور يطبق على كافة النساء المتزوجات في المغرب سواء كن مسلمات أو غير مسلمات، و سواء كن مواطنات أو أجنبيات. فكان من ثم، اشتراط رضا الزوج لممارسة الزوجة للتجارة في المغرب بمثابة حادث قانوني انسل إلى التشريع المغربي في غفلة من الزمن.

و على كل فإن هذا المبدأ واجه انتقادا من جانب كبير من الفقه المغربي، ولاقى معارضة الحركات الحقوقية النسائية، حيث نادى الجميع بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، التي توافق ما ينص عليه الفصل 35 من م ح ش على أن المرأة المتزوجة التي تريد ممارسة التجارة فجاءت مناسبة إعادة النظر في مدونة التجارة ليعيد المشرع الأمور إلى نصابها و ينص في المادة 17 على أنه: "يحق للمرأة المتزوجة أن تتاجر دون أن يتوقف ذلك على إذن زوجها" فيكون المشرع بذلك قد فضل أن يتخذ  موقفا صريحا من هذه المسألة  و ألا يكتفي بعدم إيراد مقتضيات مماثلة للفصل السادس من المدونة القديمة في المدونة الجديدة.

مقتطف من كتاب الأستاذ فؤاد معلال: شرح القانون التجاري الجديد، الجزء الأول، نظرية التاجر و النشاط التجاري، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، الطبعة الخامسة  2016، ص: 132 – 133.

 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-