مشروع قانون رقم 02.23 يتعلق بالمسطرة المدنية
- كما وافق عليه مجلس المستشارين بتاريخ 27 ماي 2025 -
تقديم عام:
بسم الله الرحمن الرحيم
السيد الرئيس المحترم
السيدات والسادة الوزراء المحترمون
السيدات والسادة النواب المحترمون
يشرفني أن أعرض على المجلس الموقر تقرير لجنة العدل والتشريع وحقوق الانسان والحريات حول دراستها المشروع قانون رقم 02.23 يتعلق بالمسطرة المدنية المحال من طرف مجلس المستشارين في إطار قراءة ثانية، ل 167 مادة، حيث خصصت اللجنة لدراسته اجتماعا بتاريخ 3 يونيو 2025 برئاسة السيد سعيد بعزيز رئيس اللجنة، وحضور السيد عبد اللطيف وهبي وزير العدل الذي ذكر خلال كلمته التي قدمها أن مشروع القانون هذا، يندرج في إطار تنفيذ التوجيهات الملكية السامية، والاستراتيجية الكبرى التي خطها جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، والهادفة إلى إصلاح منظومة العدالة إصلاحاً شاملاً وعميقاً، والذي يأتي في سياق تنزيل توصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة، والنموذج التنموي الجديد، والترجمة الفعلية للبرنامج الحكومي للولاية التشريعية الحادية عشرة (2026-2021).
وأوضح السيد الوزير أن كل الفرق والمجموعات البرلمانية بمجلس المستشارين أغلبية ومعارضة انخرطت في مناقشة هذا المشروع، وأدلت بمجموعة من التعديلات تفاعلت الحكومة إيجابيا مع أغلبها لكونها تصب في خانة تجويد النص المعروض عليها، مضيفا بأن هذه المقاربة التشاركية في التعاطي مع مشروع قانون المسطرة المدنية أفضت إلى تقديم حوالي 549 من التعديلات الجوهرية أمام مجلس المستشارين، 170 تعديلا مقدما من طرف فرق الأغلبية و 379 تعديلا مقدما من طرف فريق المعارضة.
وفي هذا الإطار أفاد السيد الوزير أن الحكومة تجاوبت مع العديد من التعديلات التي تقدم بها السادة المستشارون، حيث عبرت عن موافقتها على 181 تعديلا همت أساسا:
- حذف المقتضيات المتعلقة بالتغريم يقصد ضمان تمتع المتقاضين بحق الولوج إلى العدالة وكفالة اللجوء إلى القضاء وفق إرادة المشرع الدستوري في المواد المتعلقة برفع الدعاوى وتقديم الدفوع ومسطرة تجريح القضاة.
- تحديد أجل خمس سنوات للنيابة العامة المختصة، من أجل طلب التصريح ببطلان مقرر من تاريخ صيرورته حائزا لقوة الشيء المقضي به متى كان مخالفا للنظام العام، أمام محاكم الموضوع، وذلك من أجل خلق توازن بين استقرار المعاملات ومراكز الأطراف، وتوطيد عدالة حقيقة وتطهير النظام القانوني من كل حكم مشوب بالبطلان.
- إعادة النظر في قواعد عدم الاختصاص النوعي بالتنصيص على وجوب بت المحكمة أو القسم المتخصص بحكم مستقل في الدفع بعدم الاختصاص النوعي، مع إمكانية استئنافه خلال أجل عشرة أيام (10) من تاريخ التبليغ به. وإذا بنت محكمة الدرجة الثانية في الاختصاص أحالت الملف تلقائيا على المحكمة المختصة، على أنه لا يقبل قرار محكمة الدرجة الثانية أي طعن عاديا كان أو غير عادي، مع عدم جواز إثارة الدفع بعدم الاختصاص النوعي لأول أمام محكمة النقض.
- مراجعة معيار الاختصاص القيمي للمحاكم الابتدائية بالنظر ابتدائيا وانتهائيا، إلى غاية عشرة آلاف (10.000) درهم، وابتدائيا، مع حفظ حق الاستئناف، في جميع الطلبات التي تتجاوز عشرة آلاف (10.000) درهم وذلك حتى لا يتم حرمان فئات عريضة من المتقاضين من الحق في الطعن بالاستئناف.
- التنصيص على أن القسم المتخصص في القضاء التجاري بمحكمة الاستئناف التي لا توجد محكمة استئناف تجارية في دائرة نفوذها، يختص بالبت في استئناف أحكام المحاكم الابتدائية التجارية، وأن القسم المتخصص في القضاء الادري بمحكمة الاستئناف، التي لا توجد محكمة استئناف إدارية في دائرة نفوذها، يختص بالبت في استئناف أحكام المحاكم الابتدائية الإدارية.
- إمكانية تقديم مقال الطعن لمن تضرر من حكم قضائي بأي صندوق من صناديق المحاكم على أن يتم إرساله من طرف رئيس كتابة الضبط فورا إلى المحكمة المختصة، وذلك من أجل التكريس الفعال لمبدأ حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون.
- خلق الانسجام بين القضايا التي تبت فيها الهيئات القضائية، وهي مشكلة من القضاء الفردي في قانون التنظيم القضائي وفق أحكام المادة 51 منه، وجعلها تخضع للمسطرة الشفوية في هذا المشروع.
- تخفيض قيمة الاختصاص بالنسبة الأحكام غير القابلة للطعن بالنقض بحيث حدد سقفه في الطلبات التي لا تتجاوز قيمتها ثلاثين ألف (30.000) درهم، وذلك من أجل ضمان تمتيع المتقاضين بحق الطعن بالنقض من أجل مراقبة حسن تطبيق القانون.
- تعديل المادة 407 من هذا المشروع، على اعتبار أن الوظيفة الأساسية المحكمة النقض تهدف إلى مراقبة حسن تطبيق القانون وتوحيد الاجتهاد القضائي، ولا تتم هذه العملية على الوجه الأكمل، إلا إذا متحت محكمة النقض، كمحكمة قانون، الآليات القانونية للفصل في مسائل قانونية بحتة محل اختلاف في التفسير، المقتضى قانوني واحد بين محاكم الموضوع، من أجل تحقيق النجاعة والفعالية في الممارسة القضائية وتوطيد الأمن القانوني والقضائي، وذلك وفق مسطرة دقيقة وواضحة نصت عليها مقتضيات المادة المذكورة.
- سن مقتضيات جديدة تنص على ان الإنابات القضائية الدولية الواردة من الخارج تنفذ بنفس الطريقة التي تنفذ بها الإنابات الصادرة داخل أراضي المملكة، وطبقا للتشريع المغربي، وكذلك الأمر بشأن عملية التناظر عن بعد، مع مراعاة مبدأ المعاملة بالمثل، وأن وزير العدل هو الذي يحيل هذه الإنابات القضائية التي توصل بها من السلطات القضائية الأجنبية إلى السلطات القضائية المختصة.
- إعادة توزيع الاختصاص القضائي الناتج عن مسطرة التنفيذ، بين رئيس المحكمة الذي يبقى مختصا بالبت في الصعوبات الوقتية التي تثار بمناسبة التنفيذ الجبري للأحكام، وقاضي التنفيذ الذي يتولى الإشراف على إجراءاته ومراقبة سيره من قبل مأموري التنفيذ وتدليل العقبات المادية التي تعترضه.
وفي ختام كلمته أكد السيد الوزير أن مشروع القانون موضوع الدراسة سيشكل قطب الرحى بالنسبة للضمانات المسطرية لحماية حقوق المتقاضين وتوطيد دعائم الأمن القانوني في بناء صرح دولة الحق والقانون، وتكريس النجاعة القضائية للمواطنين أفرادا وجماعات أمام القضاء.
السيد الرئيس المحترم
السيدات والسادة الوزراء المحترمون
السيدات والسادة النواب المحترمون
بعد الكلمة التقديمية للسيد الوزير انتقلت اللجنة للتصويت على المواد المعدلة حيث وافقت عليها وفق الصيغة التي صادق عليها مجلس المستشارين.
وعند عرض مشروع القانون رقم 02.23 يتعلق بالمسطرة المدنية المحال من طرف مجلس المستشارين في إطار قراءة ثانية برمته للتصويت حظي بالنتيجة التالية:
الموافقون:
10
المعارضون
06
الممتنعون:
لا أحد
مقررة النص التشريعي:
مليكة الزخنيني
بيان الأسباب
إذا كان القانون رقم 30.15 المتعلق بالتنظيم القضائي الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 7108 رقم 1.22.38 في 30 من ذي القعدة 1443 (30) يونيو (2022) المنشور بالجريدة الرسمية عدد بتاريخ 14 ذو الحجة 1443 (14) يوليو (2022) كقانون مهيكل للمنظومة القضائية، يضمن حسن سير العدالة بمحاكم المملكة، لما يوفره من الانسجام المطلوب في المبادئ والقواعد المنظمة لتأليف المحاكم وتنظيمها، وتحديد اختصاصاتها ومركزها في تراتبية النظام القضائي ببلادنا، وضبط التدبير القضائي والإداري والمالي للمحاكم، وتقييم أدائها، والإشراف القضائي عليها، لضمان الحكامة القضائية، والقرب الحقيقي المرفق القضاء من المتقاضين والمرتفقين وعموم المواطنين، فإن قانون المسطرة المدنية كقانون إجرائي، يعتبر من القوانين المسطرية الهامة التي تعززت بها المنظومة التشريعية الوطنية الناظمة لحماية الحقوق كضمانة قانونية تنضاف إلى الضمانات الدستورية والقضائية ذات الصلة، وذلك بالنظر إلى المستجدات التي يحملها هذا القانون على مستويات متعددة، ولاسيما ما يرتبط منها بالعدالة الإجرائية التي تسهم بصورة فعلية ومباشرة، في تحسين جودة الخدمات القضائية، وضمان شروط المحاكمة العادلة.
واذا كانت الصيغة الأولى القانون المسطرة المدنية الساري النفاذ ترجع إلى ظهير 9 رمضان 1331 (12) غشت (1913)، فإن هذا النص القانوني مر بعدة محطات عرف خلالها مجموعة من التغييرات ، من أهمها محطة التعريب والتوحيد والمغربة بموجب قانون رقم 3.64 بتاريخ 22 رمضان 1384 (26) يناير (1965) يتعلق بتوحيد المحاكم، ومحطنا الإصلاح اللتان ترجعان إلى سنتي 1974 و 2011، ثم تعديلات سنتي 2019 و 2021، بحيث أصبح من الضروري فتح ورش مراجعة قانون المسطرة المدنية وفق معطيات دستورية وتشريعية لم تكن قائمة من ذي قبل، تستدعي من قانون جديد متكامل ومندمج، ينسخ قانون المسطرة المدنية المطبق حاليا، ويسد الفراغات التي أفرزها الواقع، ومنها الدور السلبي للقاضي المدني في الإشراف على إجراءات التقاضي، وينظم الاختلالات التي أبانت عنها الممارسة القضائية من تعقيد للإجراءات، وبطء في المساطر ، سواء على مستوى تبليغ أو تنفيذ الإجراءات أو المقررات القضائية، ويواكب بالتالي التطور التشريعي الإجرائي الدولي والتوجهات التي تضمنتها قواعد الاتفاقيات الدولية، والتحولات المستجدة التي يعرفها العالم على كافة الأصعدة والمستويات.
كما أن هذا القانون يعتمد من جهة أولى على تجميع شتات المساطر المدنية والإدارية والتجارية، وتلك المتعلقة بقضاء القرب بالاستناد إلى مبدأي وحدة القضاء والتخصص فيه. والضبط القانوني غير المسبوق للمقتضيات المتعلقة بالاختصاص القضائي الدولي، بالإضافة إلى اعتماده على وسائل التكنولوجيا الحديثة في إجراءات التقاضي من أجل الاستفادة من منافع الثورة الرقمية ونتائج التطور التكنولوجي، كما يراعي من جهة ثانية المستجد التشريعي الذي عرفه قانون المسطرة المدنية الحالي، باستخراج المقتضيات الناظمة للتحكيم والوساطة الاتفاقية بخصوص الفصول من 306 إلى 70-327، وهي المقتضيات التي صدر بشأنها القانون رقم 95.17 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.22.34 في 23 من شوال 1443 (24) ماي (2022) المنشور بالجريدة الرسمية عدد 7099 بتاريخ 13 ذو القعدة 1443 (13) يونيو (2022).
ومن الجدير التأكيد على أن من بين الموجبات الأساسية والمبررات الجوهرية التي كانت وراء من هذا القانون ونسخ القانون الساري النفاذ، هو السعي إلى ملاءمة مقتضياته مع المرجعية الدولية المتمثلة في نتائج وتوصيات التقارير الدورية التي تصدر عن الهيئات والمنظمات واللجان الدولية المتخصصة في تقييم الأنظمة الفضائية عبر العالم، ولاسيما الملاحظات المنصية على التشريعات الإجرائية، وكذلك مع المرجعية الوطنية المتمثلة في:
1- الأحكام الدستورية التي تنظم، بصورة غير مسبوقة، حقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة وتضبط الحق في التقاضي، ونحمي حقوق الدفاع، وترسخ الحق في إصدار أحكام في أجال معقولة، وفي تعليل الأحكام، مع التأكيد على الصبغة الإلزامية للأحكام النهائية في مواجهة الجميع؛
2- الخطب والتوجيهات الملكية السامية الرامية إلى تأسيس مفهوم جديد الإصلاح منظومة العدالة يعتمد الإصلاح الشامل والعميق لهذه المنظومة، يقوم على أساس تبسيط الإجراءات والمساطر. ورفع تعقيداتها، وتيسير الولوج للمعلومة القضائية والاستفادة من المساعدة القانونية والقضائية، وتوفير عدالة قريبة وفعالة للمتقاضي، مع الرفع من أداء منظومة العدالة؛
3- تنزيل توصيات الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة، ولاسيما منها تلك التي تؤكد على تعزيز حماية القضاء للحقوق والحريات، والارتقاء بفعالية ونجاعة القضاء، وتشجيع اللجوء إلى الصلح لحل المنازعات، وتسهيل الولوج إلى القانون والعدالة، وتوفير عدالة قريبة وفعالة للمتقاضين؛
4- تنزيل توصيات النموذج التنموي الجديد لاسيما منها تلك التي تؤكد على أهمية تحسين أداء المحاكم والتقليص من بطء العدالة وتسريع وتيرتها، والرفع من قدرتها على تنفيذ أحكامها.
تحميل مشروع :
يمكن الاطلاع على، مشروع قانون المسطرة المدنية رقم 02.23 كما وافق عليه مجلس المستشارين، من خلال تحميله بالضغط على الزر أسفله: