مداخة في موضوع الاثبات في المجال الرقمي
تحت عوان: مركز القاضي
المدني في الاثبات الرقمي
إن الحديث عن
مركز القاضي في منظومة الاثبات يختلف من مجال إلى أخر، فعند الحديث عن القاضي في
المادة التجارية فإن الذهن ينصرف مباشرة إلى مذهب حرية الاثبات، و عند الحديث عن
القاضي في المادة الزجرية فإننا نستحضر
أمامنا معيار اقتناع القاضي بأدلة الإثبات المتوفرة
أمامه في ملف النازلة المعروضة عليه و ذلك حسب قناعته الشخصية، أما عند الحديث عن
القاضي المدني فإننا نأخذ بعين الاعتبار المذهب الذي أخد به المشرع المغربي و هو
المذهب المختلط و إن كان يغلب عليه الجانب المقيد الذي يقيد مجال تحركه تجاه وسائل
الاثبات، إذ أنه يبقى مقيد بمجموعة من المقتضيات القانونية المضمنة في فصول ظهير
الالتزامات و العقود و قانون المسطرة المدنية كما سوف نرى بعده.
و بما أننا
سنركز في مبحثنا هذا على الإثبات الالكتروني في المادة المدنية، فإننا نود أن نشير
إلا أنه و إن كان المشرع المغربي قد تبنى مذهب الإثبات المختلط فإن هذا الأخر على
مستوى التطبيق يغلب عليه الطابع المقيد لحرية القاضي في الأخذ ببعض وسائل الاثبات،
و إن كان المشرع قد خول له من ناحية أخرى حرية مطلقة في تقدير الأدلة و الاستناد
إليها بصرف النظر عن التمسك بها من طرف أحد الخصوم .
عموما فإنه مع التنظيم التشريعي للدليل
الالكتروني و الذي جعله المشرع المغربي مساوي من حيت القيمة الثبوتة للدليل
الورقي، فإن القاضي المدني أصبح له مجال واسع في تقدير الأدلة الكتابة التي تطرح
أمامه عند مناقشة ملف معين و ذلك دون مراعاة ما إذا كان الدليل ماديا أو
إلكترونيا؛ و هذا ما سوف نحاول أن نقف عنده بشيء من التفصل، من خلال الوقوف عند
الدور الذي يلعبه القاضي المدني أثناء أخده للدليل الالكتروني( المطلب الأول)
على أن نقف عند واقع وسائل الاثبات على مستوى الممارسة و العمل القضائي (المطلب الثاني)
المطلب الأول: دور
القاضي المدني في الأخذ بالدليل الالكتروني
كما سبق الاشارة لذلك
فإن دور القاضي الدني في مجال الإثبات بوجه عام، يغلب عليه الطابع المقيد، رغم أن
المشرع المشرع المغربي و الفقه المغربي تبنى المذهب المختلط في المجال الاثبات
المدني .
لكن و بالرغم من ذلك فإن قاضي الموضوع يتمتع
بسلطة تقديرية واسعة في تقدير الأدلة، و الموازنة بينهما، و تقدير ما إذا كانت كافية أو غير كافية للأخد
بها، أو استبعادها كلها أو فقط جزء منها
بما يمكن تكوين قناعته الشخصية، و
هذا ما نستشفه عندما يتعلق الأمر بالدليل الالكتروني؛ غير أنه و بالمقابل لذلك لا
يمكن تصور ترك السلطة التقديرية له بصفة مطلقة، لأن من طبيعة الإنسان أن تختلف
طريقة إدراكه و تقديره للأشياء، لذلك كان من الضروري وجود رقابة قضائية على تقدير
الدليل الالكتروني (الفقرة الأولى). بالإضافة لذلك نجد أن القاضي
يتمتع بسلطات هامة تهم تسير الإثبات في النزاعات المرتبطة بالدليل الالكتروني (الفقرة
الثانية).
الفقرة الأولى: السلطة
التقديرية للأخذ بالدليل الالكتروني
سنحاول في هذه
الفقرة الوقوف عند مراقبة القاضي لشروط الدليل الالكتروني (أولا) على أن
نتوقف بعد ذلك عند الرقابة القضائية على تقدير القاضي المدني للدليل الالكتروني
(ثانيا)
أولا: مراقبة
القاضي لشروط الدليل الالكتروني
نص المشرع
المغربي على الكتابة الالكترونية بمقتضى الفصول[1]
1-417 و 2-417 و 3-417 من ظهير الالتزامات و العقود؛ و اعترف لها بالقوة الثبوتية
شأنها شأن الكتابة العادية على الورق، و ذلك ما نستشفه من خلال الفصل 1-417[2]
أعلاه حيث جعلها معادلة في حجيتها للوثيقة المخطوطة على دعامة و رقية، و هو نفس ما
نص عليه المشرع الفرنسي بمقتضى المادة 1366 كما تم اعتمادها بمقتضى الأمر الفرنسي
المؤرخ في 10 فبراير 2016[3].
لكي تكون الوثيقة
المحررة بشكل إلكتروني دليلا قائما بذاته و مقبولا في الإثبات أمام القضاء المدني،
وضع المشرع المغربي شرطين أساسيين من خلال الفصل 1-417 أعلاه، يراعي قاضي
الموضوع توافرها لكي يعادل حجيتها مع الكتابة التقليدية، و هذين الشرطين هما: التعرف
على هوية الشخص مصدر الوثيقة الالكترونية؛ و أن يتم إعداد هذه الوثيقة
الالكترونية و حفظها بما يضمن تماميتها.
بالإضافة لهذين الشرطين
الأساسين فإن الممارسة و المنطق يقتضي توفر مجموعة من الشروط الأخر تعتبر مكملة و
مدعمة للشرطين أعلاه، هذه الشروط هي: التوقيع، الذي نص عليه المشرع المغربي
في الفصل 2-417 في فقرته الأولى حيث جاء فيها ما يلي: "يتيح التوقيع الضروري
لإتمام و ثيقة قانونية التعرف على الشخص الموقع و يعبر عنه قبوله للالتزامات
الناتجة عن الوثيقة المذكورة."، بالإضافة لهذا الشرط نجد شرط إمكانية قراءة و
فهم للكتابة الإلكترونية من قبل القاضي.
بالنظر لأهمية هذه
الشروط فإننا سنعمل على الوقوف عندها بشيء من التفصيل كالتالي:
1-
التعرف على هوية الشخص
مصدر الوثيقة الالكترونية
معنى هذا الشرط
أن تدل المعلومات المحفوظة على الوثيقة الالكترونية على هوية الشخص الذي أنشأ هذه
المعلومات أو تسلمها، و يجب أن تدل هذه المعلومات أيضا على لحظة إرسال أو تسلم هذه
الوثيقة الالكترونية[4]
إن التعرف على
هوية الشخص الذي صدرت عنه الوثيقة يجب أن يتم بصفة قانونية، كما أشارت إلى ذلك
الفقرة الثانية من الفصل 1-417 حيث جاء فيها "أن يكون بالإمكان التعرف، بصفة
قانونية، على الشخص الذي صدرت عنه"، فشرط الصفة القانونية هذا يقضي أن تتم
عملية التأكد من هوية الشخص المنسوبة إليه الوثيقة الالكترونية، في إطار القانون و
بطرق شرعية، و نزيهة، بما يضمن حماية المعطيات الخاصة للأشخاص[5]، و
نرى على أن المشرع أكد على هذا الشرط بهذف جعل الشخص الذي صدرت عنه الوثيقة مسؤولا
عنها بصفة قانونية.
نشير إلى أن
هوية الشخص لا يجب فقط أن تكون حقيقية و إنما يجب أن تكون صادرت عنه و ليس فقط أن
تنسب إليه و هو ما يتضح لنا من خلال استعمال المشرع في الفصل أعلاه جملة "الشخص
الذي صدرت عنه" عوض الشخص الذي "نسبت إليه".
2-
أن تكون الوثيقة الإلكترونية معدة و محفوظة بما يضمن
تماميتها.
معنى هذا الشرط
أنه يجب على القاضي أن يتأكد طبقا للقانون المدني من ضرورة وجود المحررات
الإلكترونية، و أنها محفوظة في ظروف تضمن سلامتها، مع عدم تعرضها إلى أي تعديل يمس
صحتها في الإثبات[6]؛
و رقابة القاضي هنا تنصب على أمرين اساسين هما:
أ-
تأكد القاضي من ضمان
سلامة المحرر الإلكتروني[7]،
بما يضمن ثبات الكتابة الالكترونية و استمراريتها و الرجوع إليها عند الحاجة، من
الأطراف أو القاضي عندما يستلزم الأمر ذلك[8]؛
ب-تأكد القاضي من عدم
حدوث أي تعديل يمس صحة المحرر الإلكترونية[9]،
مثل عيوب تمس بصحتها، كمحو البيانات، أو قرصنتها و إدخال تعديل عليها... إلى غير
من العيوب التي قد تصيب المحرر الإلكتروني و ذلك بالنظر لسهولة ذلك أمام تقدم
الوسائل التكنولوجية؛ و لعل هذا ما دفع بالمشرع المغربي سنة 2003 إلى إصدار
القانون رقم 07.03 المتعلق بمكافحة جرائم المس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات[10]
الذي تم بموجبه إضافة العديد من النصوص لمجموعة القانون الجنائي المغربي من أجل سد
الفراغ في مجال الجرائم الإلكترونية.
في خضم حديثنا
عن هذا الشرط، الذي يخضع لرقابة القاضي عندما يعرض أمامه لإثبات تصرف أو واقعة
معينة، نود أنقف عند نقطة مهمة تتعلق بمصطلح "التمامية" كما جاء
في الفصل 1-417، حيث أن المشرع جاء بهذا المصطلح بدون أن يقوم بشرحه. لكن يمكن
القول بأن المقصود بها شمولية المضمون و تمامه دون زيادة او نقصان، سواء بقصد أو
بغير قصد[11].
3-
أن تكون الوثيقة
الالكترونية موقعة
هذا الشرط نص
عليه الفصل 2-417 من ظ ل ع فالتوقيع بمفهومه العام هو شرط له من الأهمية قصوى، لكل
من الوثيقة الالكترونية العرفية و الوثيقة الالكترونية الرسمية؛ كما سبق لنا
الإشارة إليه أعلاه.
4-
إمكانية قراءة و فهم
الوثيقة الإلكترونية من قبل القاضي
لم ينص المشرع
المغربي على هذا الشرط، لكن في الواقع هو شرط ضروري حتى يعتبر القاضي الوثيقة
دليلا في الإثبات، فلابد أن تكون هذه الكتابة المحرر على دعامة إلكترونية واضحة و
مقروءة حتى يستطيع قراءتها و تقييمها و تقدير حجيتها في الاثبات، فهناك بعض
المستندات الالكترونية التي تكون مشفرة، فيتوجب فك هذا التشفير حتى تصبح في صورة
بيانات واضحة يمكن له –أي للقاضي- إدراكها
مباشرة و فهم محتواها لتقدير دلالتها، و هذا ما أشارت إليه المادة 6 من قانون
الأونسترال النموذجي لعام 1996[12].
ثانيا: الرقابة
القضائية على تقدير الدليل الالكتروني
إن الحرية التي
يتمتع بها القاضي في مراقبة الدليل الالكتروني و قبوله من عدمه لا تعني إطلاقا
التعسف، و إنما تعني استعمال المنطق و الإحساس و خبرة الحياة من أجل تقدير معنى
الدليل و فعاليته في الإقناع، و له سلطة تقدير كفاية الأدلة التي يقيم عليها قضائه
دون رقابة من المحكمة العليا ما دامت هذه الأدلة تؤدي إلى النتيجة التي استخلصها
منها[13].
لذلك فإن
السلطة التقديرية التي يتمتع بها القاضي في مجال تحديد قيمة الدليل الالكتروني
تتطلب منه أن يضمن في حكمه الأسباب، يشرح من خلالها و جه التقييم الذي انتهى إليه،
و القاضي المدني هنا عند قيامه بترجيح الأدلة يكون عمله مراقبا من قبل محكمة
النقض، لذلك يتعين عليه تعليل حكمه أو قراره، تحت طائلة تعريضه للنقض.
فالتعليل هو
المناسبة التي من خلالها يتدخل قضاء النقض ليراقب عمل القضاة، فكل حكم أو قرار لا
يتضمن التعليل، أو كان ناقصه، أو كانت أجزاؤه متناقضة مصيره النقض[14].
غير أنه و بخصوص هذه الرقابة فإن جانب
من الفقه يرى أن رقابة جهة الطعن بالنقض ليست رقابة على رأي القاضي، و إنما رقابة
على طريقة تكوين ذلك الرأي، و يمكن القول أن محكمة النقض لا تملك و سيلة منضبطة
للتحقق من صحة هذا الرأي، لذا يتدخل القانون في طريقة تقدير القاضي للوقائع و يضع
كمعيار لصحتها سلامة أسباب الحكم و يجعل منها وسيلة لبلوغ نتيجة صحيحة من الناحية
الواقعية[15]
من خلال ذلك يمكن القول
على أن تسبيب الأحكام يعتبر الضابط الأساسي لحصر نطاق عمل قاضي الموضوع و تجنب كل
تعسف من جانبه و هو يمارس حريته في تقدير الأدلة الالكترونية المعروضة عليه أثناء
النظر في ملف الدعوى، فإذا كان القاضي غير ملزم بتبرير موقفه الذهني و إعطاء وصف
عنه فإنه في مقابل ذلك ملزم بالعناية بحكمه و ذلك بتسبيب مبينا الأدلة التي استمد
منها اقتناعه الشخصي.
كذلك
إذا كان القاضي مستقل في استخلاص الوقائع باعتباره من مسائل الموضوع التي تتوقف
على اقتناعه و على سلطته التقديرية[16]،
فإنه ملزم باحترام القواعد القانونية المقررة في مجال الاثبات و إلا عرض حكمه
للنقض، لأن القواعد المذكورة تدخل في مجال القانون الذي يخضع لرقابة محكمة النقض،
فلا يكمن للقاضي قلب عبء الاثبات و لا قبول دليل شفوي في الوقت الذي يستلزم
القانون الدليل الكتابي[17]
أو الالكتروني.
لذلك فإنه على
القاضي أن يبين بوضوح في حكمه مدى احترامه لحق أطراف الدعوى في الاثبات، إذ أن كل
دليل يقدمه أحد أطراف الدعوى يتعين أن يعرض على الطرف الأخر لمناقشته و إدلاء هذا
الأخير برأيه فيه، بدحضها و إثبات عكسها، حيث أنه لا يجوز الأخذ بدليل لم يعرض على
الأطراف، حتى و لو كان قد عرض عليهم في قضية أخرى و لم يناقشوه في القضية القائمة،
و هذا أمر جوهري لأنه يعطي لأطراف الدعوى فرصا متكافئة، و لذلك يحق لكل طرف أن
يطلب الحصول على الوثائق المدلى بها من طرف خصمه و الرد عليها.
فمثلا متى تقدم
طرفا مدعي بدليل إثبات إلكترونية لإثبات ادعائه عبارة عن رسالة إلكترونية، يكون من
حق الطرف الأخر الحق في دحضها و إثبات عكسها بأن ينكر صدورها عنه أو أنه تعرض للاختراق
مع إثباته لذلك.
و هناك العديد
من القرارات القضائية التي تؤكد على أن إعمال قواعد الاثبات هي من أمور القانون
التي يؤدي الإخلال بها من طرف القاضي إلى نقض حكمه[18].
الفقرة
الثانية: دور القاضي المدني في تسيير النزاعات المرتبطة بالدليل الالكتروني
إن للقاضي دور
كبير في تسيير إجراءات الدعوى لذلك تم منحه سلطات واسعة في هذا المجال و ذلك حتى
يتم التقاضي في جو من العدالة و المساواة
بين الخصوم؛ و دور القاضي لا يقتصر فقط على سير الدعوى و إنما له دور في التأثير
على سيرها، و يتمثل ذلك على وجه الخصوص في توزيع عبء الإثبات بين الأطراف من جهة (أولا)
و كذلك في الأمر بإجراء خبرة قضائية، و سلطته في الأخذ بها أو عدم الأخذ بها (ثانيا).
أولا: عبء
الاثبات في النزاعات الالكترونية
يقصد بعبء الإثبات تحديد الخصم الذي يجب عليه
إثبات الواقعة المتنازع بشأنها[19].
إن أهمية عبء
الإثبات لها أهمية كبرى فيما يتعلق بإثبات الالتزامات بوجه عام و ذلك أمام المبدأ
الذي يحكم القاضي في الإثبات المدني؛ حيث يتوقف على قدرت الخصم الذي
يقع عليه -عبء الإثبات- في القيام بهذا الواجب، دون أن يستطيع خصمه إثبات
العكس.
لقد نص المشرع
في الفصل 399 من ظ ل ع على أن: "إثبات الالتزام على مدعيه" كما نص كذلك
في الفصل الموالي 400 على أنه: "إذا أثبت المدعي وجود الالتزام، كان على من
يدعي انقضاءه أو عدم نفاذ تجاهه أن يثبت ادعاءه".
و نفس القاعدة
التي نص عليها الفصل 399 من ظ ل ع جاءت بها الشريعة الإسلامية و سار عليها الفقه
الإسلامي، تفسيرا للحديث النبوي الشريف، الذي جاء فيه "لو يعطي الناس بدعواهم
لادعى رجال أموال قوم و دماءهم و لكن البينة على المدعي و اليمين على من
أنكر".
عموما سنحاول
الوقوف عند مسألة عبء هذه الاثبات بنوع من التفصيل، من خلال تحديد الطرف الملقى
عليه عبء الاثبات(أ)، تم بعد ذلك تبيان العلاقة بين عبء الإثبات بالنظام
العام (ثانيا).
أ-
الطرف الملقى عليه عبء الإثبات
إن تطبيق القواعد العامة للإثبات في مجال
المعاملات الرقمية سيؤدي إلى تحميل عبء الإثبات على الشخص الذي ينازع في العقد
الإلكتروني، والذي سيتعين عليه إقامة الدليل على وجود العقد الإلكتروني، وهذا ما
لا يتوافر لدى المستهلك الإلكتروني لأنه لا تتوفر لديه الوسائل التقنية اللازمة
لذلك.
وفي
هذا الإطار، ظهر اتجاه فقهي فرنسي[20] دعى إلى ضرورة إيجاد معيار جديد لتحديد الطرف
الذي يتحمل عبء الإثبات في المعاملات الإلكترونية؛ حيث إن التعاقدات الإلكترونية
تتميز بوجود طرفين غير متوازين من حيث القوة الاقتصادية (المنتج والمستهلك
الإلكتروني)، مما يترتب عنه أن المنتج هو من تكون لديه السيطرة الكاملة على النظام
المعلوماتي، وهو ما ينتج عنه صعوبة أو استحالة حصول المستهلك على دليل إثبات في
حال وقوع نزاع. مما دفع هذا الاتجاه إلى القول بأن المنتج هو من يتحمل عبء الإثبات
في حال وقوع نزاع؛ أي أن المسيطر على النظام الإلكتروني هو من يقع عليه عبء
الإثبات.
لقد
أثر هذا الاتجاه الفقهي على التشريعات الحديثة التي أقرت بأن عبء الإثبات يكون
دائما على عاتق المهني في علاقته التعاقدية مع المستهلك، لأنه هو من يملك
المعلومات الأولية من السلع والخدمات. وهو ما نص عليه المشرع الفرنسي في المادة
1-212 R من قانون حماية المستهلك، وأدرجها ضمن الثائمة
السوداء التي لا يمكن للمحترف أن يوردها ضمن عقوده مع المستهلك. [21]
وبالرجوع إلى المشرع المغربي نجده هو الآخر عمد على قلب عبء الإثبات وجعله
يقع على عاتق المنتج أو المورد في حالات محددة نص عليها في القانون 31.08 القاضي
بتحديد تدابير لحماية المستهلك ، والتي تتمثل في إثبات عدم تعسفية الشرط المدرج في
العقد، وفي الإثبات في البيع وتقديم الخدمات عن بعد. وذلك قصد توفير حماية أكبر
سواء للمستهلك العادي أو الإلكتروني.
جدير بالذكر أن القاضي لا يكون ملزما
بأن يوضح للأطراف على من يقع عليه عبء الإثبات، لكنه يحكم مراعيا من كان من
الخصمين مدعيا و من كان منهم مدعى عليه، و هذا الأمر يعتبر نقطة قانونية تخضع
لرقابة محكمة النقض.[22]
ب-علاقة عبء الإثبات
بالنظام العام
لقد اختلف الفقه حول ما إذا كانت
القواعد المتعلقة بعبء الإثبات من النظام العام أم لا؛ غير أنه ما يمكن أن نشير
إليه بهذا الخصوص هو أن الفقه يميز بين قواعد الإثبات الاجرائية و قواعد الإثبات
الموضوعية، حيث يجمع على على أن النوع الاول هو مرتبط بالنظام العام، في حين أن
النوع الثاني عرف إختلافا حول ارتباطه بالنظام العام أو لا؟[23]،
بهذا الخصوص نجد أن الاتجاه الغالب يذهب إلى أنها غير مرتط بالنظام العام و يجوز
للأطراف الإتفاق على مخالفتها[24] .
أما بخصوص الفقه المغربي فإنه يسلك مسلك
الإتجاه القائل بعدم ارباتط قواعد الإثبات
الموضوعية بالنظام العام، وذلك أمام غياب نص في التشريع المغربي بهذا الخصوص[25] و يعتبر أن كل اتفاق بتعديل قواعد الإثبات
الموضوعية اتفاق صحيح نافذ.
و إذا كانت قواعد الإثبات الموضوعية غير
مرتبط بالنظام العام فإنه قاعدة عبء الإثبات كذلك هي غير مرتبط بالنظام العام
بالرغم من تنصيص المشرع المغربي على أن المدعي هو الذي يلقى على عاتقه هذا العبء،
فليس هناك ما يمنع الأطراف من نقل عبء الإثبات إلى الطرف الأخر.
ثانيا: الخبرة
القضائية في النزاعات الالكترونية
إذا كان للقاضي
المدني السلطة التقديرية الكاملة في الأخد و الموازنة بين المحررات الالكترونية
المدلى بها من طرف الخصوم و استخلاص ما بها، و إعطائها ما تستحق من قوة ثبوتية في
ظل و سائل الإثبات الالكترونية؛ فإنه - أي القاضي المدني- تواجهه العديد من
الاشكالات بهذا الخصوص خاصة في الحالة التي يدعي فيها أحد الأطراف أن الدليل
الإلكتروني المدلى به غير صادر عنه أو أنه لا يتوفر على الشروط القانونية التطلبة
للاعتداد به، فكيف يمكن للقاضي أن يستخدم سلطته التقديرية في ظل مجال يغلب عليه
الطابع التقني مع العلم أن الإطار المعرفي للقاضي بهذا الشأن يبقى ناقصا؟
جوابا على هذا
الإشكال، و تجاوزا لنقص الخبرة و المعرفة بالوسائل الالكترونية للقاضي المدني،
فإننا نجد المشرع المغربي خول له سلطة تقديرية للأمر بإجراء خبرة[26]
كما يتضح لنا من خلال الفصل 55 من
قانون المسطرة المدنية؛ و قد عالج المشرع المغربي الخبرة في الفصول من 59 إلى 66
من قانون المسطرة المدنية.
و الخبرة هي إجراء للتحقيق يعهد به
للقاضي إلى شخص مختص ينعت بالخبير، بمهمة محددة تتعلق بواقعة أو وقائع مادية
يستلزم بحثها أو تقديرها، أو على العموم، ابداء رأي يتعلق بها علما أو فنا، لا
يتوافر في الشخص العادي ليقدم به بيانا أو رأيا فنيا لا يتسطيع القاضي الوصول إليه
وحده[27] .
فالخبرة إذن لها دور مهم في مساعدة القاضي في
تقييم الدلائل الالكترونية المعروضة أمامه، مما يمكنه من تقييمها و تقديرها و
القول بالأخد بها أو استبعادها للبث في النزاع المعروض.
المطلب الثاني:
واقع الاثبات الإلكتروني على مستوى الممارسة القضائية
يعتبر الاجتهاد القضائي المحرك الأساسي
للقاعدة القانونية، فهو الذي يقوم بالموازنة بين القاعدة القانونية و الواقع
المعاش، بما يضمن خدمة الصالح العام.
غير أنه و بالنسبة لموضوع بحثنا المتعلق
بالاثبات في المجال الرقمي فإننا لاحظنا أثناء البحث فيه، قلة إن لم نقل إنعدام
الاجتهادات القضائية التي تهم الأدلة الالكترونية و خاصة الدليل الكتابي
الالكتروني، بالرغم من الانفتاح الذي يعرفه المغرب بهذا الخصوص على الوسائل و
المعاملات الالكترونية؛ و يمكن إرجاع سبب ذلك إلى طغيان مبدأ الإثبات المقيد في المجال
المدني، بالإضافة لمبدأ حياد القاضي الذي يحكم القاضي المدني عند البت في أي
منازعة مطروحة أمامه، مما تسبب كما أشرنا لندرة الإجتهادات القضائية في مجال
الإثبات بالدليل الكتابي الالكتروني (الفقرة الاولى)؛ بالإضافة لذلك نجد من
ابرز الاسباب لندرة الاجتهادات القضية في مجال الاثبات الرقمي، يرجع لطبيعة
المجتمع المغربي و علاقته بالبيئة الرقمية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى:
ندرة الاجتهادات القضائية في مجال الاثبات الإلكتروني
يمكن إرجاع أسباب ندرة الاجتهادات
القضائية في مجال الاثبات بالدليل الكتابي الالكتروني إلى طغيان مبدأ الإثبات
المقيد في المجال المدني (أولا) بالإضافة كذلك لمبدأ حياد القاضي (ثانيا).
أولا: طغيان
مبدأ الإثبات المقيد في المجال المدني
إذا كان المشرع المغربي
قد تبني مذهب الإثبات المختلط، كما يتضح لنا من خلال مقتضيات الفصل 401 من ظ ل ع
الذي ينص على ما يلي: "لا يلزم، لإثبات الالتزامات، أي شكل خاص، إلا في
الأحوال التي يقرر القانون فيها شكلا معيا.
إذا قرر القانون شكلا معينا، لم يسغ إجراء إثبات
الالتزام أو التصرف بشكل آخر يخالفه، إلا في الأحوال التي يستثنيها القانون.
إذا قرر القانون أن يكون العقد مكتوبا اعتبر نفس
الشكل مطلوبا في كل التعديلات التي يراد إدخالها على هذا العقد "
غير أنه على مستوى التطبيق و الممارسة
العملية في المغرب نجد أنه يتم توسيع مجال تقييد حرية القاضي القاضي المدني في
أخذه بالوسائل الإثبات، و ربما ذلك بهذف العمل على استقرار المعاملات المدنية ما
أمكن.
و ذلك ما نستشفه من خلال الفصل 443[28]
من ظ ل ع، حيث نلاحظ أنه و إن كان المشرع من خلال هذا الفصل تبنى مذهب الإثبات
المختلط الذي يجمع ما بين المذهبين الحر و المقيد، فإنه مع ذلك يطغى عليه الإثبات
المقيد؛ فنحن نعرف أن أغلب القضايا المطرو حة أمام القضاء تتجاوز 10 ألاف درهم، لذلك فإن
القاضي هنا يكون ملزما بسلوك مذهب الإثبات المقيد مما يمنعه من أن يأخد بعين
الاعتبار أي دليل أخر، غير الكتابة متى توفرت شروطها بحسب مقتضيات الفصل أعلاه،
كشهادة الشهود مثلا خاصة إذا كانت مضمنة في مقطع فيديو أو تسجيل أو عبارة عن
محادثة نصية في وسائل التواصل
الالكتروني.
ثانيا: مبدأ
حياد القاضي المدني
يعتبر
مبدأ حياد القاضي من أهم المبادئ الأساسية في مادة الإثبات، و مضمونه هو أن دور
القاضي يقتصر على تلقي ما يقدمه أطراف النزاع من أدلة في الدعوى، و تقدير قوة كل
دليل و فقا لقوته التي حددها القانون، إذ ليس في عمل القاضي أن يساهم في جمع
الأدلة أو يستند إلى دليل تحراه لنفسه؛ و عليه من المفروض على القاضي أن يتميز
بالحياد تجاه خصوم الدعوى القضائية و تجاه الموضوع الذي هو بين يديه و تجاه القانون القانون الواجب التطبيق[29]؛
و هذا ما أطلق عليه الفقه بالحياد السلبي للقاضي.
غير
أنه و دون المساس بهذا المبدأ فإن القاضي يتمتع بدور إجابي أيضا و ذلك على مستوى
إدارة الدعوى، كما يمكن أن نستشف ذلك من خلال التشريع المغربي من خلا قانون
المسطرة المدينة، حيث تم تخويل القاضي صلاحية واضحة مهمة من أجل البحث عن الحقيقة، وذلك كما يتضح
من خلال تمكينه بالقيام بالعديد من الإجراءات التحقيقية بهذف التأكد من صحة تصرف
أو واقعة قانونية مطروحة أمامه، تساعده في تشكيل قناعته حول موضوع النزاع و البت
فيه، و مثال ذلك ما سبق و أن بيناه بخصوص الخبرة فيما يتعلق بالدليل الالكتروني
أعلاه.
غير
و بالرغم من ذلك فإن القاضي يبقى ملتزم بمبدأ الحيادة المفروض عليه في نطاق ما
يخوله له القانون، و هذا ما ينعكس بالسلب عندما يتعلق الأمر بالإثبات بالوسائل
الالكترونية، خاصة أمام التطور الهائل الذي تعرفه هذه الاخيرة بالمقارنة مع وسائل
الاثبات القانونية التقليدية في شقيها الموضوعي و الإجرائي التي تؤطر عمل القاضي
في الإثبات.
الفقرة الثانية: قلة
المنازعات المثارة بشأن المعاملات الإلكترونية
إن المنازعات
المثارة بشأن المعاملات الالكترونية في المجال المدني هي محدودة، بالمقارنة
بالمجال الزجري التي تعرف عدد لا بأس به؛ و هذا ما انعكس بالسلب على مستوى
المنازعات بخصوص وسائل الاثبات الإلكتروني، حيث إنه عند البحث عن أحكام قضائية
تتعلق بالأدلة الالكترونية نجدها منعدمة باستثناء بعض القرارات المحتشمة في
المنازعات الاجتماعية[30] و
هو ما يعزز قولنا إلى أن الامر يرجع لقة المنازعات المثارة بشأن التعاملات
الإلكترونية.
و هناك من يرى على أن السبب يرجع إلى أن
التعامل بالوسائل الالكترونية لا يزال في بدايته بالمغرب، و كذلك إنتشار الجهل لدى
غالبية المجتمع المغربي بالمقتضيات القانونية المنظمة للإثبات و التعامل عبر
الوسائل الالكترونية، لذلك يتم اللجوء إلى حل النزاعات التي تحدث بين الأشخاص في
البيئة الرقمية بعيدا على القضاء؛ و إن كنا نتفق مع هذا الرأي في الشق الثاني
المتعلقة بجهل الأغلبة بالمقتضيات القانونية للإثبات، إلا أننا لا نتفق معه بخصوص
محدودية المجتمع المغربي في التعامل مع الوسائل الإلكترونية، لأن الواقع و ما
نعيشه الأن يظهر خلاف ذلك، و إنما نرجع السبب إلا أنه بالإضافة لجهل المجتمع
المغربي بالمقتضيات المنظمة للإثبات و للتعاملات الإلكترونية بصفة عامة، هو
للتكلفة المادية والزمنية بالإضافة لكثرة المساطر و الاجراءات التي تصعب من قدرت
المتضرر أو المتقاضي لإقتضاء حقه أمام القضاء خاصة، و أنه يكون معرض لأن يخسر
دعواه بعدم قدرثه على اثبات ادعائه، و يكون معرضا لخطر المتابعة من طرف المدعى
عليه و الذي في الغالب يكون متمكنا في هذا المجال المتعلق بالمعاملات
الالكترونية ؛ بالإضافة لذلك نجد إلى أن أغلب المعاملات المالية الالكترونية
تكون زهيدة، كذلك صعوبة معرفة المتعاملين معهم و كذلك استعمال أسماء مستعارة و
إنكار الارسال إلا غييره من المخاطر التي تطبع التعاملات في البيئة الرقمية .
لذلك و أمام غياب الثقة و الأمن
القانوني في التعاملات الرقمية تضمن إطمئنان الناس لها، من خلال إضفاء قوة ثبوتية
حقيقية عليها بما يحفظ لهم حقوقهم في تعاملالتهم الالكترونية سواء في التجارة
أوغيرها و التي تتم بالوسائط الالكترونية فإنه لن نتصور نزاعات كثيرة تتثار في هذا
الشأن بخصوص وسائل الاثبات الالكترونية .
[1] أضيفت هذه الفصول بمقتضى المادة 4 من القانون رقم 53.54 يتعلق بالتبادل
الالكتروني للمعطيات القانونية
[2] الفصل 417-1: " تتمتع الوثيقة المحرر على دعامة إلكترونية بنفس
قوة الإثبات التي تتمتع بها الوثيقة المحرر على الورق.
تقبل الوثيقة المحرر بشكل إلكتروني
للإثبات، شأنها في ذلك شأن الوثيقة المحرر على الورق، شريطة أن يكون بالإمكان
التعرف، بصفة قانونية، على الشخص الذي صدرت عنه و أن تكون معدة و محفوظة وفق شروط
من شأنها ضمان تماميتها"
[3] تنص هذه المادة على ما يلي:
« L'écrit électronique a la même force probante que l'écrit
sur support papier, sous réserve que puisse être dûment identifiée la personne
dont il émane et qu'il soit établi et conservé dans des conditions de nature à
en garantir l'intégrité. »
[4] مبارك الحسناوي،
الإثبات في العقد الإلكتروني، مرجع سابق، ص: 172.
[5] بخصوص حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، يمكنكم
الرجوع للقانون رقم 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات
ذات الطابع الشخصي، الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.09.15 صادر في 22 من صفر 1430
(18 فبراير 2009)؛ النشور بالجريدة الرسمية عدد 5711 بتاريخ 27 صفر 1430 (23
فبراير 2009)، ص 5.
[6]
شمام منير، السلطة التقديرية للقاضي المدني في الإثبات، أطروحة مقدمة لنيل درجة
الدكتوراه في القانون الخاصة –قانون المدني المعمق-، جامعة عبد الحميد بن باديس –
مستغانم، كلية الحقوق و العلوم السياسية، السنة الجامعية: 2018-2019 ص:238
[7] بمعنى ينبغي ان تدون الكتابة على دعامة تحفظها
لفترة طويلة من الزمن، بحيث يمكن من خلالها الرجوع إليها عند الحاجة، و سواء أكانت
دعامة و رقية أو دعامة إلكترونية على ذاكرة الحاسوب، أو الأقراص الممغنطة CD-ROM، و البريد الالكتروني e-mail، المستندات المنقولة PDF، أو حفظ الكتابة و التوقيع الالكتروني من طرف مزودي الخدمات
الالكترونية، أو حفظها في صناديق إلكترونية لا يمكن فتحها إلا بواسطة المفتاح
الخاص الذي تشرف عليه سلطات الإشهار العامة أو الخاصة، حيث أن محاولة للتعديل سوف
تؤدي إلى إتلاف الوثيقة المحفوظة نهائيا.
[8] شمام منير، السلطة
التقديرية للقاضي المدني في الإثبات، نفس المرجع السابق، ص: 238
[9] شمام منير، السلطة
التقديرية للقاضي المدني في الإثبات، نفس المرجع السابق، ص: 239
[10] صدر بالجريدة الرسمية عدد 5171 بتاريخ 27 شوال
1424 (22 ديسمبر 2003)، ص 4284
[11] مبارك الحسناوي،
الإثبات في العقد الإلكتروني، مرجع سابق، ص: 172
[12] المادة 6 من قانون الأونسترال النوذجي:"عندما يشترط القانون ان تكون
المعلومات مكتوبة، تستوفى رسالة البيانات ذلك الشرط إذا تيسر الاطلاع على البيانات
الواردة فيها على نحو يتيح استخدامها بالرجوع إليه لاحقا". قانون الأونسترال
النموذجي بشأن التجارة الإلكترونية مع دليل التشريع، منشورات الأمم المتحدة، 1996،
ص: 5
[13]
الحميدي بن إبراهيم بن مرزوق الحميمص، دور الوسائل الإلكترونية في الإثبات أمام
القاضي الإداري، مقال منشور بمجلة الفقه و القانون، العدد الثمانون، يونيو 2019 ص:49
[14] عبد الكريم الطالب، الشرح العملي لقانون المسطرة
المدنية، دراسة في ضوء مستجدات مسودة مشروع 2018، مطبعة النجاح الجديدة الدار
البيضاء، الطبعة التاسعة، 2019، ص:232
[15] اسية الحراق، الإثبات بالوسائل الالكترونية،
مرجع سابق، ص:63
[16] هذا ما أشار إليه الفصل 50 من قانون المسطرة
المدنية، كما يلي: "يشار فيها –أي الأحكام- إلى مستنتجات الأطراف مع تحليل
موجز لوسائل دفاعهم و التنصيص على المستندات المدلى بها و المقتضيات القانونية
المطبقة"
[17] عبد الكريم الطالب، الشرح العملي لقانون المسطرة
المدنية، مرجع سابق، الصفحة: 230
[18] و بهذا الخصوص نورد قرار لمحكمة النقض و ذلك
كالتالي: "من المقرر أن مدعي الاستحقاق تلزمه بينة تامة الشروط تنطبق فيما
تشهد به على المدعى فيه، و أن الحائز لا يسأل من أين صار له متى ادعى الحوز و
الملك، و المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما نظرت إلى حجة الطاعنين و اعتبرتها
غير عاملة في الاثبات، رغم دفعهما بأنهما يحوزان المدعى فيه و يملكانه بشراء، و
دون النظر إلى حجة المطلوبة و بيان مدى حجيتها و استيفائها للشروط المتطلبة في
مثلها و انطباقها على المدعى فيه للنظر أنئذ إلى حجة الطاعنين لعلة الترجيح، تكون
قد قلبت عبء الاثبات المتمسك بها من طرف الطاعنين، وجاء قرارها غير مرتكز على
أساس." قرار عدد 98، الصادر بتاريخ 26 فبراير 2019، في الملف المدني عدد 3227/1/4/2018، منشور على
المنصة الرقمية لقرارات محكمة النقض: https://juriscassation.cspj.ma/.
[19] عبد الرحمان الشرقاوي، القانون المدني، مرجع
سابق، ص: 30.
[20] - DRAGON Elise : Droit De
La preuve Et Informatique, Thèse de doctorat, faculté de droit, universités
Grenoble, 1996, P 184.
-DEVEZE Jean :
Contribution à l’étude de la charge de la preuve en matière civile, thèse
doctorat, Faculté de droit, Toulouse, 1980, P. 231.
[21] محمد رضا أزرو: عبء الإثبات في المعاملات
المدنية والإلكترونية، مجلة الحقوق والعلوم الإنسانية، العدد 02، 2022، ص 834.
[22] اسية الحراق، الإثبات بالوسائل الالكترونية،
مرجع سابق، ص: 68
[24] و هو التوجه الذي سلكه كل من القضاء الفرنسي و
المصري
[25] إدريس العلوي العبدلاوي، وسائل الإثبات في
التشريع المدني المغربي، مطبعة النجاح
الجديدة، الدار البضا، السنة1981، ص: 52
[26] و هذا ما يمكن أن نستشفه من خلال الفصل 55 من قانون المسطرة المدنية
حيث نص على أنه: "يمكن للمحكمة بناء على طلب
الأطراف او أحدهم أو تلقائيا أن تأمر قبل البت في جوهر الدعوى بإجراء خبرة أو وقوف
على عين المكان أو بحث أو حقيق خطوط أو أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق"
[27] عبد الكريم الطالب، الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية، مرجع سابق،
الصفحة: 171
[28] الفصل 443: "الاتفاقات و غيرها من الأفعال
القانونية التي يكون من شأنها أن تنشئ أو تنقل أو تعدل أو تنهي الالتزامات أو
الحقوق، و التي تتجاوز مبلغها او قيمتها عشرة آلاف درهم، لا يجوز إثباتها بشهادة
الشهود، و يلزم أن تحرر بها حجة رسمية أو عرفية، و إذا اقتضى الحال ذلك أن تعد
بشكل إلكتروني أو أن توجه بطريقة إلكترونية.
"
[29] شمام منير، السلطة التقديرية للقاضي المدني في
الإثبات، مرجع سابق، ص: 6
[30] اسية الحراق، الإثبات بالوسائل الالكترونية، مرجع سابق، ص: 80